تمام ثورة (1) المهدي حتى * تروا راياته نترى نظاما وقد ذهب طائفة من الرافضة إلى إمامته وأنه ينتظر خروجه في آخر الزمان، كما ينتظر طائفة أخرى منهم الحسن بن محمد العسكري، الذي يخرج في زعمهم من سرداب سامرا، وهذا من خرافاتهم وهذيانهم وجهلهم وضلالهم وترهاتهم، وسنزيد ذلك وضوحا في موضعه وإن شاء الله.
ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين ففي المحرم منها كانت وقعة الزاوية (2) بين ابن الأشعث والحجاج في آخره، وكان أول يوم لأهل العراق على أهل الشام، ثم تواقفوا يوما آخر فحمل سفيان بن الأبرد أحد أمراء أهل الشام على ميمنة ابن الأشعث فهزمها وقتل خلقا كثيرا من القراء من أصحاب ابن الأشعث في هذا اليوم، وخر الحجاج لله ساجدا بعد ما كان جثى على ركبتيه وسل شيئا من سيفه وجعل يترحم على مصعب بن الزبير ويقول: ما كان أكرمه حتى صبر نفسه للقتل، وكان من جملة من قتل من أصحاب ابن الأشعث أبو الطفيل بن عامر بن وائلة (3) الليثي، ولما فر أصحاب ابن الأشعث رجع ابن الأشعث بمن بقي معه ومن تبعه من أهل البصرة، فسار حتى دخل الكوفة فعمد أهل البصرة إلى عبد الرحمن بن عياش (4) بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فبايعوه، فقاتل الحجاج خمس ليال أشد القتال، ثم انصرف فلحق بابن الأشعث، وتبعه طائفة من أهل البصرة، فاستناب الحجاج على البصرة أيوب بن الحكم بن أبي عقيل (5)، ودخل ابن الأشعث الكوفة فبايعه أهلها على خلع الحجاج وعبد الملك بن مروان. وتفاقم الامر وكثر متابعو ابن الأشعث على ذلك، واشتد الحال، وتفرقت الكلمة جدا وعظم الخطب، واتسع الخرق على الراقع.
قال الواقدي: ولما التقى جيش الحجاج وجيش ابن الأشعث بالزاوية جعل جيش الحجاج يحمل عليهم مرة بعد مرة، فقال القراء - وكان عليهم جبلة بن زحر -: أيها الناس ليس الفرار من أحد بأقبح منكم فقاتلوا عن دينكم ودنياكم. وقال سعيد بن جبير نحو ذلك، وقال الشعبي:
قاتلوهم على جورهم واستذلالهم الضعفاء وإماتتهم الصلاة، ثم حملت القراء - وهم العلماء - على