حامل فأتت بأرطاة على فراشه، وقد عمر أرطاة دهرا طويلا حتى جاوز المائة بثلاثين سنة، وقد كان سيدا شريفا مطاعا ممدحا شاعرا مطبقا قال المدائني: ويقال إن بني غقعان بن حنظلة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث دخلوا في بني مرة بن شبة فقالوا بني غقعان بن أبي حارثة بن مرة. وقد وفد أبو الوليد أرطاة بن زفر هذا على عبد الملك فأنشده أبياتا: - رأيت المرء تأكله الليالي * كأكل الأرض ساقطة الحديد وما تبقى المنية حين تأتي * على نفس ابن آدم من مزيد وأعلم أنها ستكر حتى * توفي نذرها بأبي الوليد قال: فارتاع عبد الملك وظن أنه عناه بذلك فقال يا أمير المؤمنين إنما عنيت نفسي، فقال عبد الملك: وأنا والله سيمر بي ما الذي يمر بك، وزاد بعضهم في هذه الأبيات: - خلقنا أنفسا وبنى نفوس * ولسنا بالسلام ولا الحديد لئن أفجعت بالقرناء يوما * لقد متعت بالأمل البعيد وهو القائل:
وإني لقوام لدى الضيف موهنا * إذا أسبل الستر البخيل المواكل دعا فأجابته كلاب كثيرة * على ثقة مني بأني فاعل وما دون ضيفي من تلاد تحوزه * لي النفس إلا أن تصان الحلائل مطرف بن عبد الله بن الشخير كان من كبار التابعين، وكان من أصحاب عمران بن حصين، وكان مجاب الدعوة، وكان يقول ما أوتي أحد أفضل من العقل (1)، وعقول الناس على قدر زمانهم. وقال: إذا استوت سريرة العبد وعلانيته قال الله هذا عبدي حقا. وقال: إذا دخلتم على مريض فإن استطعتم أن يدعو لكم فإنه قد حرك - أي قد أوقظ من غفلته بسبب مرضه - فدعاؤه مستجاب من أجل كسره ورقة قلبه.
وقال: إن أقبح ما طلبت به الدنيا عمل الآخرة.
خلافة الوليد بن عبد الملك باني جامع دمشق لما رجع من دفن أبيه خارج باب الجابية الصغير - وكان ذلك في يوم الخميس وقيل الجمعة للنصف من شوال من هذه السنة - لم يدخل المنزل حتى صعد المنبر - منبر المسجد الأعظم بدمشق - فخطب الناس فكان مما قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله المستعان على مصيبتنا في أمير المؤمنين،