مصعب بن سعد بن أبي وقاص تابعي جليل القدر. موسى بن طلحة بن عبيد الله التميمي، كان يلقب بالمهدي لصلاحه، كان تابعيا جليل القدر من سادات المسلمين رحمه الله.
ثم دخلت سنة أربع ومائة فيها قاتل سعيد بن عمرو الحرشي نائب خراسان أهل الصغد وحاصر أهل خجندة وقتل خلقا كثيرا، وأخذ أموالا جزيلة، وأسر رقيقا كثيرا جدا، وكتب بذلك إلى يزيد بن عبد الملك (1)، لأنه هو الذي ولاه. وفي ربيع الأول منها عزل يزيد بن عبد الملك عن إمرة الحرمين عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس، وكان سببه أنه خطب فاطمة بنت الحسين فامتنعت من قبول ذلك، فألح عليها وتوعدها، فأرسلت إلى يزيد تشكوه إليه، فبعث إلى عبد الواحد بن عبد الله النضري نائب الطائف فولاه المدينة، وأن يضرب عبد الرحمن بن الضحاك حتى يسمع صوته أمير المؤمنين وهو متكئ على فراشه بدمشق، وأن يأخذ منه أربعين ألف دينار، فلما بلغ ذلك عبد الرحمن ركب إلى دمشق واستجار بمسلمة بن عبد الملك، فدخل على أخيه فقال: إن لي إليك حاجة، فقال: كل حاجة تقولها فهي لك إلا أن تكون ابن الضحاك، فقال: هو والله حاجتي، فقال: والله لا أقبلها ولا أعفو عنه، فرده إلى المدينة فتسلمه عبد الواحد فضربه وأخذ ماله حتى تركه في جبة صوف، فسأل الناس بالمدينة، وكان قد باشر نيابة المدينة ثلاث سنين وأشهرا، وكان الزهري قد أشار عليه برأي سديد، وهو أن يسأل العلماء إذا أشكل عليه أمر فلم يقبل، ولم يفعل، فأبغضه الناس وذمه الشعراء ثم كان هذا آخر أمره.
وفيها عزل عمر بن هبيرة سعيد بن عمرو الحرشي، وذلك أنه كان يستخف بأمر ابن هبيرة، فلما عزله أحضره بين يديه وعاقبه وأخذ منه أموالا كثيرة، وأمر بقتله ثم عفا عنه، وولى على خراسان مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي، فسار إليها فاستخلص أموالا كانت منكسرة في أيام سعيد بن عمرو الحرشي. وفيه غزا الجراح بن عبد الله الحكمي نائب أرمينية وأذربيجان، أرض الترك، ففتح بلنجر (2) وهزم الترك وغرقهم وذراريهم في الماء، وسبى منهم خلقا كثيرا، وافتتح عامة الحصون التي تلي بلنجر (3)، وأجلى عامة أهلها، والتقى هو والخاقان الملك فجرت بينهم وقعة هائلة