بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنكار ما قد شاع في الناس وذاع، ويهون عليهم القتل في طلب ذلك، ويذم الدنيا ذما بالغا، ويصغر أمرها ويحقره، فالتفت عليه جماعة من الناس، وكتب إليه شبيب بن يزيد الخارجي يستبطئه في الخروج ويحثه عليه ويندب إليه، ثم قدم شبيب على صالح وهو بدارا فتواعدوا وتوافقوا على الخروج في مستهل صفر من هذه السنة الآتية - وهي سنة ست وسبعين - وقدم على صالح شبيب وأخوه مصاد والمجلل والفضل بن عامر، فاجتمع عليه من الابطال وهو بدارا نحو مائة وعشرة أنفس، ثم وثبوا على خيل لمحمد بن مروان فأخذوها ونفروا بها ثم كان من أمرهم بعد ذلك ما كان، كما سنذكره في هذه السنة التي بعدها إن شاء الله تعالى.
وكان ممن توفي فيها في قول أبي مسهر وأبي عبيد:
العرباض بن سارية رضي الله عنه السلمي أبو نجيح سكن حمص وهو صحابي جليل، أسلم قديما هو عمرو بن عنبسة ونزل الصفة، وكان من البكائين المذكورين في سورة براءة كما قد ذكرنا أسماءهم عند قوله (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) [التوبة: 92] الآية. وكانوا تسعة (1) وهو راوي حديث (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون) الحديث إلى آخره. ورواه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وغيره، وروى أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يصلي على الصف المقدم ثلاثا وعلى الثاني واحدة) وقد كان العرباض شيخا كبيرا، وكان يحب أن يقبضه الله إليه، وكان يدعو: اللهم كبرت سني ووهن عظمي فاقبضني إليك، وروى أحاديث.
أبو ثعلبة الخشني صحابي جليل شهد بيعة الرضوان وغزا حنينا وكان ممن نزل الشام بداريا غربي دمشق إلى جهة القبلة، وقيل ببلاط قرية شرقي دمشق فالله أعلم. وقد اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال كثيرة، والأشهر منها جرثوم بن ناشر، وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث وعن جماعة من الصحابة، وعنه جماعة من التابعين، منهم سعيد بن المسيب ومكحول الشامي وأبو إدريس الخولاني، وأبو قلابة الجرمي، وكان ممن يجالس كعب الأحبار، وكان في كل ليلة يخرج فينظر إلى السماء فيتفكر ثم يرجع إلى المنزل فيسجد لله عز وجل، وكان يقول: إني لأرجو أن لا يخنقني الله عند الموت كما أراكم تختنقون، فبينما هو ليلة يصلي من الليل إذا قبضت روحه وهو ساجد. ورأت ابنته في