الدرداء والصحيح أن روايته عنه وعن حذيفة مرسلة، وقد حدث عنه جماعة من أهل بلده، وقد وثقه ابن معين وغيره. ومن أغرب ما روي عنه قول قتيبة: ثنا شهاب بن خراش، عن حميد، عن أبي الزاهرية قال: أغفيت في صخرة بيت المقدس فجاءت السدنة فأغلقوا علي الباب، فما انتبهت إلا بتسبيح الملائكة فوثبت مذعورا فإذا الملائكة صفوف، فدخلت معهم في الصف. قال أبو عبيدة وغيره: مات سنة مائة.
أبو الطفيل عامر بن واثلة ابن عبد الله بن عمرو الليثي الكناني، صحابي، وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وفاة بالاجماع قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الركن بمحجنه (1)، وذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود، وحدث عنه الزهري وقتادة وعمرو بن دينار وأبو الزبير وجماعة من التابعين، وكان من أنصار علي بن أبي طالب، شهد معه حروبه كلها، لكن نقم بعضهم عليه كونه كان مع المختار بن أبي عبيد، ويقال إنه كان حامل رايته، وقد روى أنه دخل على معاوية فقال: ما أبقى لك الدهر من ثكلك عليا؟ فقال: ثكل العجوز المقلاة والشيخ الرقوب (2)، فقال: كيف حبك له؟ قال حب أم موسى لموسى، وإلى الله أشكو التقصير. قيل إنه أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، ومات سنة مائة وقيل سنة سبع ومائة فالله أعلم. قال مسلمة بن الحجاج: وهو آخر من مات من الصحابة مطلقا ومات سنة مائة.
أبو عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مل البصري، أدرك الجاهلية وحج في زمن الجاهلية مرتين، وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وأدى في زمانه الزكاة ثلاث سنين إلى عمال النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا يسميه أئمة الحديث مخضرما، وهاجر إلى المدينة في زمان عمر بن الخطاب، فسمع منه ومن علي وابن مسعود وخلق من الصحابة وصحب سلمان الفارسي ثنتي عشرة سنة حتى دفنه، وروى عنه جماعة من التابعين وغيرهم، منهم أيوب، وحميد الطويل، وسليمان بن طرخان التيمي، وقال عاصم الأحول:
سمعته يقول: أدركت في الجاهلية يغوث صنما من رصاص يحمل على جمل أجرد، فإذا بلغ واديا برك فيه فيقولون: قد رضي ربكم لكم هذا الوادي فينزلون فيه، قال: وسمعته وقد قيل له أدركت النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم! أسلمت على عهده، وأديت إليه الزكاة ثلاث مرات، ولم ألقه، وشهدت اليرموك والقادسية وجلولاء ونهاوند. كان أبو عثمان صواما قواما، يسرد الصوم ويقوم الليل لا يتركه، وكان يصلي حتى يغشى عليه، وحج ستين مرة ما بين حجة وعمرة، قال سليمان التيمي: إني