البلاد الشامية، فأقام الله سبحانه بني أيوب مع نور الدين، فاستلبوها من أيديهم وطردوهم عنه، فلله الحمد والمنة، وسيأتي ذلك كله في مواضعه إن شاء الله تعالى.
وفيها عزل الوليد عمر بن عبد العزيز عن إمرة المدينة، وكان سبب ذلك، أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الوليد يخبره عن أهل العراق أنهم في ضيم وضيق مع الحجاج من ظلمه وغشمه، فسمع بذلك الحجاج فكتب إلى الوليد: إن عمر ضعيف عن إمرة المدينة ومكة، وهذا وهن وضعف في الولاية، فاجعل على الحرمين من يضبط أمرهما. فولى على المدينة عثمان بن حيان، وعلى مكة خالد بن عبد الله القسري، وفعل ما أمره به الحجاج. فخرج عمر بن عبد العزيز من المدينة في شوال فنزل السويداء، وقدم عثمان بن حيان المدينة لليلتين بقيتا من شوال من هذه السنة.
وحج بالناس فيها عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك. وممن توفي في هذه السنة من الأعيان أنس بن مالك ابن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، أبو حمزة ويقال أبو ثمامة الأنصاري النجاري، خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه، وأمه أم حرام (1) مليكة بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام، زوجة أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري. روى عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحاديث جمة، وأخبر بعلوم مهمة، وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وغيرهم. وحدث عنه خلق من التابعين. قال أنس: قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة وأنا ابن عشر سنين (2). وتوفي وأنا ابن عشرين سنة. وقال محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبيه عن ثمامة قال قيل لانس: أشهدت بدرا؟ فقال: وأين أغيب من بدر لا أم لك؟ قال الأنصاري: شهدها يخدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم). قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: لم يذكر ذلك أحد من أصحاب المغازي، قلت: الظاهر أنه إنما شهد ما بعد ذلك من المغازي والله أعلم.
وقد ثبت أن أمه أتت به - وفي رواية عمه زوج أمه أبو طلحة - إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت: يا رسول الله هذا أنس خادم لبيب يخدمك، فوهبته منه فقبله، وسألته أن يدعو له فقال، " الهم أكثر ماله وولده وأدخله الجنة " (3). وثبت عنه أنه قال: كناني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنخلة كنت