أفرارا من الجنة؟ أتفرون من الجنة؟ إلى أين ويحكم لا مقام لكم في الدنيا ولا بقاء؟ ثم قاتل حتى قتل رحمه الله.
مكحول الشامي (1) تابعي جليل القدر، إمام أهل الشام في زمانه، وكان مولى لامرأة من هذيل، وقيل مولى امرأة من آل سعيد بن العاص، وكان نوبيا وقيل من سبي كابل، وقيل كان من الأبناء من سلالة الأكاسرة وقد ذكرنا نسبه في كتابنا التكميل. وقال محمد بن إسحاق: سمعته يقول: طفت الأرض كلها في طلب العلم: وقال الزهري: العلماء أربعة (2)، سعيد بن المسيب بالحجاز، والحسن البصري بالبصرة، والشعبي بالكوفة، ومكحول بالشام. وقال بعضهم: كان لا يستطيع أن يقول: قل، وإنما يقول: كل وكان له وجاهة عند الناس، مهما أمر به من شئ يفعل. وقال سعيد بن عبد العزيز: كان أفقه أهل الشام، وكان أفقه من الزهري. وقال غير واحد: توفي في هذه السنة، وقيل بعدها فالله أعلم:
مكحول الشامي هو ابن أبي مسلم، واسم أبي مسلم شهزاب بن شاذل (3). كذا نقلته من خط عبد الهادي، وروى ابن أبي الدنيا عنه أنه قال: من نظف ثوبه قل همه، ومن طاب ريحه زيد في عقله. وقال مكحول في قوله تعالى (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) [التكاثر: 8] قال: بارد الشراب، وضلال المساكن وشبع البطون، واعتدال الخلق، ولذاذة النوم، وقال: إذا وضع المجاهدون أثقالهم عن دوابهم أتتها الملائكة، فمسحت ظهورها ودعت لها بالبركة، إلا دابة في عنقها جرس.
ثم دخلت سنة أربع عشرة ومائة فيها غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى وعلى اليمنى سليمان بن هشام بن عبد الملك، وهما ابنا أمير المؤمنين هشام: وفيها التقى عبد الله البطال وملك الروم المسمى فيهم قسطنطين، وهو ابن