واستعدوا للهرب، فساروا بعيالهم وأثقالهم حتى أتوا جبال كرمان فنزلوها، واجتمع عليهم جماعة ممن فل من الجيش الذي كان مع يزيد بن المهلب، وقد أمروا عليهم المفضل بن المهلب، فأرسل مسلمة جيشا عليهم هلال بن مأجور المحاربي في طلب آل المهلب، ويقال إنهم أمروا عليهم رجلا يقال له مدرك بن ضب الكلبي (1)، فلحقهم بجبال كرمان فاقتتلوا هنالك قتالا شديدا، فقتل جماعة من أصحاب المفضل وأسر جماعة من أشرافهم وانهزم بقيتهم، ثم لحقوا المفضل فقتلوه وحمل رأسه إلى مسلمة بن عبد الملك، وأقبل جماعة من أصحاب يزيد بن المهلب فأخذوا لهم أمانا من أمير الشام منهم مالك بن إبراهيم بن الأشتر النخعي، ثم أرسلوا بالأثقال والأموال والنساء والذرية فوردت على مسلمة بن عبد الملك ومعهم رأس المفضل ورأس عبد الملك بن المهلب، فبعث مسلمة بالرؤوس وتسعة من الصبيان الحسان إلى أخيه يزيد، فأمر بضرب أعناق أولئك، ونصبت رؤوسهم بدمشق ثم أرسلها إلى حلب فنصبت بها، وحلف مسلمة بن عبد الملك ليبيعن ذراري آل المهلب، فاشتراهم بعض الامراء إبرارا لقسمه بمائة ألف، فأعتقهم وخلى سبيلهم، ولم يأخذ مسلمة من ذلك الأمير شيئا.
وقد رثا الشعراء يزيد بن المهلب بقصائد ذكرها ابن جرير.
ولاية مسلمة على بلاد العراق وخراسان وذلك أنه لما فرغ من حرب آل المهلب كتب إليه أخوه يزيد بن عبد الملك بولاية الكوفة والبصرة وخراسان في هذه السنة. فاستناب على الكوفة وعلى البصرة (2)، وبعث إلى خراسان ختنه - زوج ابنته - سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص، الملقب بخذينة، فسار إليها فحرض أهلها على الصبر والشجاعة، وعاقب عمالا ممن كان ينوب لآل المهلب، وأخذ منهم أموالا جزيلة، ومات بعضهم تحت العقوبة.
ذكر وقعة جرت بين الترك والمسلمين وذلك أن خاقان الملك الأعظم ملك الترك، بعث جيشا إلى الصفد لقتال المسلمين، عليهم رجل منهم يقال له كورصول، فأقبل حتى نزل على قصر الباهلي، فحصره وفيه خلق من المسلمين