قتادة بن دعامة السدوسي (1) أبو الخطاب البصري الأعمى، أحد علماء التابعين، والأئمة العاملين، روى عن أنس بن مالك وجماعة من التابعين، منهم سعيد بن المسيب، والبصري، وأبو العالية، وزرارة بن أوفي، وعطاء ومجاهد، ومحمد بن سيرين، ومسروق، وأبو مجلز وغيرهم، وحدث عنه جماعات من الكبار كأيوب وحماد بن مسلمة، وحميد الطويل، وسعيد بن أبي عروبة، والأعمش، وشعبة، والأوزاعي، ومسعر، ومعمر، وهمام. قال ابن المسيب: ما جاءني عراقي أفضل (2) منه. وقال بكر المزني: ما رأيت أحفظ منه. وقال محمد بن سيرين: هو من أحفظ الناس، وقال مطر: كان قتادة إذا سمع الحديث يأخذه العويل والزويل حتى يحفظه، وقال الزهري: هو أعلم من مكحول.
وقال معمر: ما رأيت أفقه من الزهري وحماد وقتادة. وقال قتادة: ما سمعت شيئا إلا وعاه قلبي.
وقال أحمد بن حنبل: هو أحفظ أهل البصرة، لا يسمع شيئا إلا حفظه. وقرئ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها. وذكر يوما فأثنى على علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير وغير ذلك، وقال أبو حاتم: كانت وفاته بواسط في الطاعون - يعني في هذه السنة - وعمره ست أو سبع وخمسون سنة.
قال قتادة: من وثق (3) بالله كان الله معه، ومن يكن الله معه تكن معه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل، والعالم الذي لا ينسى. وقال: في الجنة كوة إلى النار، فيقولون (4): ما بال الأشقياء دخلوا النار، وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم، فقالوا: إنا كنا نأمركم ولا نأتمر، وننهاكم ولا ننتهي. وقال: باب من العلم يحفظه الرجل يطلب به صلاح نفسه وصلاح دينه وصلاح الناس، أفضل من عبادة حول كامل. وقال قتادة: لو كان يكتفي من العلم بشئ لاكتفى موسى عليه السلام بما عنده، ولكنه طلب الزيادة.
وفيها توفي: أبو الحباب سعيد بن يسار والأعرج، وابن أبي مليكة، وعبد الله بن أبي زكريا الخزاعي، وميمون بن مهران بن موسى بن وردان.
فصل فأما سعيد بن يسار فكان من العباد الزهاد، روى عن جماعة من الصحابة، وكذلك الأعرج وابن أبي مليكة وأما ميمون بن مهران فهو من أجلاء علماء التابعين وزهادهم وعبادهم وأئمتهم. كان