البغلية (1)، وكان الدرهم منها ثمانية دوانق، والطبرية وكان الدرهم منها أربعة دوانيق (2)، واليمني دانق، فجمع عمر بن الخطاب بين البغلي والطبري ثم أخذ بنصفها فجعل الدرهم الشرعي وهو نصف مثقال وخمس مثقال، وذكروا أن المثقال لم يغيروا وزنه في جاهلية ولا إسلام، وفي هذا نظر.
والله أعلم.
وفيها ولد مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وهو مروان الحمار آخر من تولى الخلافة من بني أمية، ومنه أخذها بنو العباس. وفيها حج بالناس أبان بن عثمان بن عفان نائب المدينة، وعلى إمرة العراق الحجاج وعلى خراسان أمية بن عبد الله والله أعلم.
وممن توفي فيها من الأعيان: أبو عثمان النهدي القضاعي اسمه عبد الرحمن بن مل أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وغزا جلولاء والقادسية وتستر، ونهاوند، وأذربيجان وغيرهما، وكان كثير العبادة زاهدا عالما يصوم النهار ويقوم الليل، توفي وعمره مائة وثلاثين سنة بالكوفة.
صلة بن أشيم العدوي من كبار التابعين من أهل البصرة، وكان ذا فضل وورع وعبادة وزهد، كنيته أبو الصهباء كان يصلي حتى ما يستطيع أن يأتي الفراش إلا حبوا، وله مناقب كثيرة جدا، منها أنه كان يمر عليه شباب يلهون ويلعبون فيقول: أخبروني عن قوم أرادوا سفرا فحادوا في النهار عن الطريق وناموا الليل فمتى يقطعون سفرهم؟ فقال لهم يوما هذه المقالة، فقال شاب منهم: والله يا قوم إنه ما يعني بهذا غيرنا، نحن بالنهار نلهو، وبالليل ننام. ثم تبع صلة فلم يزل يتعبد معه حتى مات. ومر عليه فتى يجر ثوبه فهم أصحابه أن يأخذوه بألسنتهم فقال: دعوني أكفكم أمره، ثم دعاه فقال: يا بن أخي لي إليك حاجة، قال: وما حاجتك؟ قال أن ترفع إزارك، قال: نعم، ونعمت عين، فرفع إزاره، فقال صلة: هذا أمثل مما أردتم لو شتمتموه لشتمكم. ومنها ما حكاه جعفر بن زيد قال: خرجنا في غزاة وفي الجيش صلة بن أشيم فنزل الناس عند العتمة فقلت لأرمقن عمله الليلة، فدخل غيضة ودخلت في أثره فقام يصلي وجاء الأسد حتى دنا منه وصعدت أنا في شجرة، قال فتراه التفت أو عده جروا حتى