الأرض؟ فاستحيا وقال: اقتص مني بدلها أو قال بمثلها، فقال: إذا أكون سفيها مثلك، قال فخذ عوضا قال: لا أفعل، قال: فاتركها لله، قال: هي لله ثم لك، فقال هشام عند ذلك: والله لا أعود إلى مثلها.
وقال الأصمعي: أسمع رجل هشاما كلاما فقال له: أتقول لي مثل هذا وأنا خليفتك؟
وغضب مرة على رجل فقال له: اسكت وإلا ضربتك سوطا، وكان علي بن الحسين قد اقترض من مروان بن الحكم مالا أربعة آلاف دينار، فلم يتعرض له أحد من بني مروان، حتى استخلف هشام فقال: ما فعل حقنا قبلك؟ قال: موفور مشكور، فقال! هو لك.
قلت: هذا الكلام فيه نظر، وذلك أن علي بن الحسين مات سنة الفقهاء، وهي سنة أربع وتسعين، قبل أن يلي هشام الخلافة بإحدى عشرة سنة، فإنه إنما ولي الخلافة سنة خمس ومائة، فقول المؤلف: إن أحدا من خلفاء بني مروان لم يتعرض لمطالبة علي بن الحسين حتى ولي هشام فطالبه بالمال المذكور، فيه نظر ولا يصح، لتقدم موت علي على خلافة هشام، والله سبحانه وتعالى أعلم وكان هشام من أكره الناس لسفك الدماء، ولقد دخل عليه من مقتل زيد بن علي وابنه يحيى أمر شديد وقال: وددت أني افتديتهما بجميع ما أملك وقال المدائني عن رجل من حيي عن بشر مولى هشام قال: أتي هشام برجل عنده قيان وخمر وبربط، فقال: اكسروا الطنبور على رأسه، فبكى الشيخ، قال بشر: فضربه (1)، قال أتراني أبكي للضرب، إنما أبكي لاحتقارك البربط حتى سميته طنبورا.
وأغلظ لهشام رجل يوما في الكلام فقال: ليس لك أن تقول هذا لإمامك. وتفقد أحد ولده يوم الجمعة فبعث إليه مالك لم تشهد الجمعة؟ فقال: إن بغلتي عجزت عني، فبعث إليه أما كان يمكنك المشي، ومنعه أن يركب سنة، وأن يشهد الجمعة ماشيا.
وذكر المدائني أن رجلا أهدى إلى هشام طيرين فأوردهما السفير إلى هشام، وهو جالس على سرير وسط داره، فقال له: أرسلهما في الدار، فأرسلهما، ثم قال: جائزتي يا أمير المؤمنين فقال:
ويحك وما جائزتك على هدية طيرين؟ خذ أحدهما، فجعل الرجل يسعى خلف أحدهما، فقال:
ويحك ما بالك؟ فقال أختار أجودهما: قال: وتختار أيضا الجيد وتترك الردئ؟ ثم أمر له بأربعين أو خمسين درهما. وذكر المدائني عن قحذم (2)، كاتب يوسف بن عمر. قال: بعثني يوسف إلى هشام بياقوتة حمراء ولؤلؤة كانتا لرابعة (3)، جارية خالد بن عبد الله القسري، مشترى الياقوتة ثلاثة وسبعون ألف دينار، قال: فدخلت عليه وهو على سرير فوقه فرش لم أر رأس هشام من علو تلك