وقال علي بن الحسين: إن الله يحب المؤمن المذنب التواب. وقال: التارك للامر بالمعروف والنهي عن المنكر كالنابذ كتاب الله وراء ظهره، إلا أن يتقي منهم تقاة. قالوا: وما تقاه؟ قال:
يخاف جبارا عنيدا أن يسطو عليه وأن يطغى. وقال رجل لسعيد بن المسيب: ما رأيت أحدا أورع من فلان. فقال له سعيد: هل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا! قال: ما رأيت أورع منه. وروى سفيان بن عيينة عن الزهري قال: دخلت على علي بن الحسين فقال: يا زهري فيم كنتم؟
قلت: كنا نتذاكر الصوم، فأجمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب، إلا شهر رمضان فقال! يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها، عشرة منها واجب كوجوب شهر رمضان، وعشرة منها حرام، وأربع عشرة منها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وصوم النذر واجب، وصوم الاعتكاف واجب، قال الزهري قلت: فسرهن يا بن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أما الواجب فصوم شهر رمضان، وصوم شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق، وصيام ثلاثة أيام كفارة اليمين لمن لم يجد إلا طعام، وصيام حلق الرأس، وصوم دم المتعة لمن لم يجد الهدي وصوم جزاء الصيد، يقوم الصيد قيمته ثم يقسم ذلك الثمن على الحنطة.
وأما الذي صاحبه بالخيار فصوم الاثنين والخميس، وستة أيام من شوال بعد رمضان، وصوم عرفة ويوم عاشوراء، كل ذلك صاحبه بالخيار. فأما صوم الاذن فالمرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها، وكذلك العبد والأمة، وأما صوم الحرام فصوم يوم الفطر والأضحى، وأيام التشريق، ويوم الشك، نهينا أن نصومه لرمضان. وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر، وصوم الضيف لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا بإذنهم ". وأما صوم الإباحة فمن أكل أو شرب ناسيا أجزأه صومه، وأما صوم المريض والمسافر فقال قوم: يصوم، وقال قوم لا يصوم، وقال قوم إن شاء صام وإن شاء أفطر " واما نحن فنقول: يفطر في الحالين، فإن صام في السفر والمرض فعليه القضاء] (1).
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المدني أحد الفقهاء السبعة (2)، قيل اسمه محمد، وقيل اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيح أن اسمه وكنيته واحد، وله من الأولاد والاخوة كثير، وهو تابعي جليل، روى عن عمار وأبي هريرة وأسماء بنت أبي بكر،