وسادة، لأنها تدعو إلى النوم. وروى عثمان بن أبي شيبة عن علي بن المديني، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج (1) قال: كان عطاء بعد ما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آية من سورة البقرة وهو قائم لا يزول منه شئ ولا يتحرك. وقال ابن عيينة: قلت لابن جريج (1): ما رأيت مصليا مثلك. فقال: لو رأيت عطاء؟. وقال عطاء: إن الله لا يحب الفتى يلبس الثوب المشهور، فيعرض الله عنه حتى يضع ذلك الثوب. وكان يقال: ينبغي للعبد أن يكون كالمريض لا بد له من قوت، وليس كل الطعام يوافقه. وكان يقال: الدعوة تعمي عين الحكيم فكيف بالجاهل؟ ولا تغبطن ذا نعمة بما هو فيه فإنك لا تدري إلى ماذا يصير بعد الموت.
ثم دخلت سنة خمس عشرة ومائة ففيها وقع طاعون بالشام، وحج بالناس فيها محمد بن هشام بن إسماعيل وهو نائب الحرمين والطائف. والنواب في سائر البلاد هم المذكورون في التي قبلها والله أعلم. وممن توفي فيها من الأعيان:
أبو جعفر الباقر وهو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو جعفر الباقر، وأمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي، هو تابعي جليل، كبير القدر كثيرا، أحد أعلام هذه الأمة علما وعملا وسيادة وشرفا، وهو أحد من تدعي فيه طائفة الشيعة أنه أحد الأئمة الاثني عشر، ولم يكن الرجل على طريقهم ولا على منوالهم، ولا يدين بما وقع في أذهانهم وأوهامهم وخيالهم، بل كان ممن يقدم أبا بكر وعمر، وذلك عنده صحيح في الأثر، وقال أيضا: ما أدركت أحدا من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما رضي الله عنهما. وقد روى عن غير واحد من الصحابة (2)، وحدث عنه جماعة من كبار التابعين وغيرهم. فمن روى عنه ابنه جعفر الصادق، والحكم بن عتيبة، وربيعة، والأعمش، وأبو إسحاق السبيعي، والأوزاعي والأعرج، وهو أسن منه، وابن جريج وعطاء وعمرو بن دينار والزهري. وقال سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق قال: حدثني أبي وكان خير محمدي يومئذ على وجه الأرض، وقال العجلي: هو مدني تابعي ثقة، وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير (3) الحديث، وكانت وفاته في هذه السنة في قول وقيل في التي قبلها، وقيل في التي بعدها أو في التي هي بعدها وبعد بعدها والله أعلم. وقد جاوز السبعين وقيل لم يجاوز الستين فالله أعلم.