من معبد، وقد كانت لمعبد عبادة وفيه زهادة، ووثقه ابن معين وغيره في حديثه، وقال الحسن البصري: إياكم ومعبدا فإنه ضال مضل، وكان ممن خرج مع ابن الأشعث فعاقبه الحجاج عقوبة عظيمة بأنواع العذاب ثم قتله. وقال سعيد بن عفير: بل صلبه عبد الملك بن مروان في سنة ثمانين بدمشق ثم قتله، وقال خليفة بن خياط: مات قبل التسعين فالله أعلم، وقيل إن الأقرب قتل عبد الملك له والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم دخلت سنة إحدى وثمانين ففيها فتح عبيد الله بن عبد الملك بن مروان مدينة قاليقلا (1) وغنم المسلمون منها غنائم كثيرة، وفيها قتل بكير بن وشاح، قتله بجير (2) بن ورقاء الصريمي، وكان بكير من الامراء الشجعان، ثم ثار لبكير بن وشاح رجل من قومه يقال له صعصعة بن حرب العوفي الصريمي، فقتل بجير بن ورقاء الذي قتل بكيرا، طعنه بخنجر وهو جالس عند المهلب بن أبي صفرة فحمل إلى منزله وهو بآخر رمق، فبعث المهلب بصعصعة إليه، فلما تمكن منه بحير بن ورقاء قال ضعوا رأسه عند رجلي، فوضعوه فطعنه بجير بحربته حتى قتله ومات على إثره. وقد قال له أنس بن طارق (3): اعف عنه فقد قتلت بكير بن وشاح، فقال: لا والله لا أموت وهذا حي ثم قتله وقد قيل إنه إنما قتل بعد موته فالله أعلم.
فتنة ابن الأشعث قال أبو مخنف: كان ابتداؤها في هذه السنة، وقال الواقدي: في سنة ثنتين وثمانين، وقد ساقها ابن جرير في هذه السنة فوافقناه في ذلك، وكان سبب هذه الفتنة أن ابن الأشعث كان الحجاج يبغضه وكان هو يفهم ذلك ويضمر له السوء وزوال الملك عنه، فلما أمره الحجاج على ذلك الجيش المتقدم ذكره، وأمره بدخول بلاد رتبيل ملك الترك، فمضى وصنع ما قدمناه من أخذه بعض بلاد الترك، ثم رأى لأصحابه أن يقيموا حتى يتقووا إلى العام المقبل، فكتب إلى الحجاج بذلك فكتب إليه الحجاج يستهجن رأيه في ذلك ويستضعف عقله ويقرعه بالجبن والنكول عن الحرب، ويأمره حتما بدخول بلاد رتبيل، ثم أردف ذلك بكتاب ثان ثم ثالث مع البريد، وكتب في جملة ذلك يا بن الحائك الغادر المرتد، امض إلى ما أمرتك به من الايغال في أرض العدو وإلا حل بك ما لا يطاق.
وكان الحجاج يبغض ابن الأشعث: ويقول هو أهوج أحمق حسود، وأبوه الذي سلب أمير المؤمنين عثمان ثيابه وقاتله، ودل عبيد الله بن زياد على مسلم بن عقيل حتى قتله، وجده الأشعث ارتد عن