عمري ستون سنة نعلاي هاتان أحب إلي مما مضى منه إلا أن يكون خير قدمته. وقال صالح الدهان: كان جابر بن زيد إذا وقع في يده ستوق كسره ورمى به لئلا يغر به مسلم. الستوق الدرهم المغاير أو الدغل وقيل: هو المغشوش.
وروى الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الصمد العمي، حدثنا مالك بن دينار قال: دخل علي جابر بن زيد وأنا أكتب المصحف فقلت له: كيف ترى صنعتي هذه يا أبا الشعثاء؟ قال: نعم الصنعة صنعتك، تنقل كتاب الله ورقة إلى ورقة، وآية إلى آية، وكلمة إلى كلمة، هذا الحلال لا بأس به وقال مالك بن دينار: سألته عن قوله تعالى (إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) [الاسراء: 75] قال ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة (ثم لا تجد لك نصيرا) [الاسراء: 75] وقال سفيان: حدثني أبو عمير الحارث بن عمير قال: قالوا لجابر بن زيد عند الموت: ما تشتهي وما تريد؟ قال: نظرة إلى الحسن. وفي رواية عن ثابت قال: لما ثقل على جابر بن زيد قيل له: ما تشتهي؟ قال نظرة إلى الحسن. قال ثابت: فأتيت الحسن فأخبرته فركب إليه، فلما دخل عليه قال لأهله: أقعدوني، فجلس فما زال يقول: أعوذ بالله من النار وسوء الحساب.
وقال حماد بن زيد: حدثنا حجاج بن أبي عيينة قال: سمعت هندا بنت المهلب بن أبي صفرة - وكانت من أحسن النساء - وذكروا عندها جابر بن زيد فقالوا: إنه كان إباضيا، فقالت: كان جابر بن زيد أشد الناس انقطاعا إلي وإلى أمي، فما أعلم عنه شيئا، وكان لا يعلم شيئا يقربني إلى الله عز وجل إلا أمرني به، ولا شيئا يباعدني عن الله إلا نهاني عنه، وما دعاني إلى الأباضية (1) قط ولا أمرني بها، وكان ليأمرني أين أضع الخمار - ووضعت يدها على الجبهة - أسند عن جماعة من الصحابة، ومعظم روايته عن ابن عمر وابن عباس.
ثم دخلت سنة أربع وتسعين فيها غزا العباس بن الوليد أرض الروم، فقيل إنه فتح أنطاكية، وغزا أخوه عبد العزيز بن الوليد فبلغ غزالة، وبلغ الوليد بن هشام المعيطي أرض برج الحمام، وبلغ يزيد بن أبي كبشة أرض