الفرش، فأوريتها له، فقال: كم زنتها؟ فقلت: إن مثل هذه لا مثل لها، فسكت. قالوا: ورأى قوما يفرطون الزيتون فقال القطوه لقطا ولا تنفضوه نفضا، فتفقأ عيونه وتكسر غصونه، وكان يقول: ثلاثة لا يضعن الشريف: تعاهد الصنيعة، وإصلاح المعيشة، وطلب الحق وإن قل. وقال أبو بكر الخرائطي: يقال إن هشاما لم يقل من الشعر سوى هذا البيت:
إذا أنت تعص الهوى قادك الهوى * إلى كل ما فيه عليك مقال وقد روي له شعر غير هذا، وقال المدائني عن ابن يسار الأعرجي: حدثني ابن أبي بجيلة، عن عقال بن شبة قال: دخلت على هشام وعليه قباء فتك أخضر، فوجهني إلى خراسان، ثم جعل يوصيني وأنا أنظر إلى القباء، ففطن فقال: مالك؟ قلت: عليك قباء فتك أخضر، كنت رأيت عليك مثله قبل أن تلي الخلافة، فجعلت أتأمل هذا هو ذاك أم غيره، والله الذي لا إله غيره هو ذاك، مالي قباء غيره، وما ترون من جمعي لهذا المال وصونه إلا لكم. قال عقال: وكان هشام محشوا بخلا.
وقال عبد الله بن علي عم السفاح: جمعت دواوين بني أمية فلم أر أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام. وقال المدائني عن هشام بن عبد الحميد: لم يكن أحد من بني مروان أشد نظرا في أصحابه ودواوينه، ولا أشد مبالغة في الفحص عنهم من هشام، وهو الذي قتل غيلان القدري، ولما أحضر بين يديه قال له: ويحك قل ما عندك، إن كان حقا اتبعناه، وإن كان باطلا رجعت عنه، فناظره ميمون بن مهران فقال لميمون أشياء فقال له: أيعصي الله كارها؟ فسكت غيلان فقيده حينئذ هشام وقتله (1). وقال الأصمعي عن أبي الزناد عن منذر بن أبي منذر قال: أصبنا في خزائن هشام اثني عشر ألف قميص كلها قد أثر بها. وشكى هشام إلى أبيه ثلاثا إحداهن: أنه يهاب الصعود إلى المنبر، والثانية قلة تناول الطعام، والثالثة أن عنده في القصر مائة جارية من حسان النساء لا يكاد يصل إلى واحدة منهن. فكتب إليه أبوه: أما صعودك إلى المنبر فإذا علوت فوقه فارم ببصرك إلى مؤخر الناس فإنه أهون عليك، وأما قلة الطعام فمر الطباخ فليكثر الألوان فعلك أن تتناول من كل لون لقمة، وعليك بكل بيضاء بضة، ذات جمال وحسن. وقال أبو عبد الله الشافعي: لما بنى هشام بن عبد الملك الرصافة قال: أحب أن أخلو بها يوما لا يأتيني فيه خبر غم، فما انتصف النهار حتى أتته ريشة دم من بعض الثغور، فقال: ولا يوما واحدا؟! وقال سفيان بن عيينة: كان هشام لا يكتب إليه بكتاب فيه ذكر الموت. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: ثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي ثنا حسين بن زيد (2) عن شهاب بن عبد ربه، عن عمر بن علي قال: مشيت مع محمد بن علي - يعني ابن الحسين