فلا تعد ما يأتيك مني فان تعد * تقم فاعلمن يوما عليك نوادبه (1) فلما قرأه الحجاج كتب: أما بعد فقد جاءني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه سرفي في الأموال، والدماء، فوالله ما بالغت في عقوبة أهل المعصية، ولا قضيت حق أهل الطاعة، فإن كان ذلك سرفا فليحد لي أمير المؤمنين حدا أنتهي إليه ولا أتجاوزه (2)، وكتب في أسفل الكتاب:
إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقي * أذاك فيومي لا توارث (3) كواكبه إذا قارف الحجاج فيك خطيئة * فقامت عليه في الصباح نوادبه أسالم من سالمته من ذي هوادة * ومن لا تسالمه فإني محاربه إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه * وأقص الذي تسري إلي عقاربه فمن يتقي يومي ويرجو إذا عدى * على ما أرى والدهر جم عجائبه (4) وعن الشافعي أنه قال: قال الوليد بن عبد الملك للغاز بن ربيعة أن يسأل الحجاج فيما بينه وبينه: هل يجد في نفسه مما أصاب من الدنيا شيئا؟ فسأله كما أمره، فقال: والله ما أحب أن لي لبنان أو سبير ذهبا أنفقه في سبيل الله مكان ما أبلاني الله من الطاعة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل فيما روي عنه من الكلمات النافعة والجراءة البالغة قال أبو داود: ثنا محمد بن العلاء، ثنا أبو بكر، عن عاصم قال: سمعت الحجاج وهو على المنبر يقول: اتقوا الله ما استطعتم، ليس فيها مثنوية، واسمعوا وأطعيوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك، والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم، والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا، وما عذيري من عبد