الواقدي: حدثني عمر بن صالح عن نافع مولى بني مخزوم. قال: سمعت خالد بن عبد الله القسري يقول على منبر مكة وهو يخطب الناس: أيها الناس! أيهما أعظم خليفة الرجل على أهله أم رسوله إليهم؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة إلا أن إبراهيم خليل الرحمن استسقاه فسقاه ملحا أجاجا، واستسقى الخليفة فسقاه عذبا فراتا - يعني البئر التي احتفرها بالثنيتين ثنية طوى وثنية الحجون - فكان ينقل ماؤها فيوضع في حوض من أدم إلى جنب زمزم ليعرف فضله على زمزم. قال ثم غارت تلك البئر فذهب ماءها فلا يدرى أين هو إلى اليوم، وهذا الاسناد غريب، وهذا الكلام يتضمن كفرا إن صح عن قائله، وعندي أن خالد بن عبد الله لا يصح عنه هذا الكلام، وإن صح فهو عدو الله، وقد قيل عن الحجاج بن يوسف نحو هذا الكلام من أنه جعل الخليفة أفضل من الرسول الذي أرسله الله، وكل هذه الأقوال تتضمن كفر قائلها.
وفي هذه السنة غزا قتيبة بن مسلم (1) الترك حتى بلغ باب الأبواب من ناحية أذربيجان، وفتح حصونا ومدائن كثيرة هنالك. وحج بالناس فيها عمر بن عبد العزيز. قال شيخنا الذهبي: وفي هذه السنة فتحت صقلية وميورقة وقيل ميرقة، وهما في البحر بين جزيرة صقلية وخدرة من بلاد الأندلس. وفيها سير موسى بن نصير ولده إلى النقريس ملك الفرنج فافتتح بلادا كثيرة. وفيها توفي من الأعيان عبد الله بن ثعلبة بن صعير أحد التابعين العذري الشاعر، وقد قيل إنه أدرك حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)، ومسح على رأسه، وكان الزهري يتعلم منه النسب. والعمال في هذه السنة هم المذكورون في التي قبلها.
ثم دخلت سنة تسعين من الهجرة فيها غزا مسلمة بن عبد الملك والعباس بن الوليد بلاد الروم، ففتحا حصونا وقتلا خلقا من الروم وغنما وأسرا خلقا كثيرا. وفيها أسرت الروم خالد بن كيسان صاحب البحر، وذهبوا به إلى ملكهم فأهداه ملك الروم إلى الوليد بن عبد الملك. وفيها عزل الوليد أخاه عبد الله بن عبد الملك عن إمرة مصر وولى عليها قرة بن شريك. وفيها قتل محمد بن القاسم ملك السند داهر بن صصة (2)، وكان محمد بن القاسم هذا على جيش من جهة الحجاج. وفيها فتح قتيبة بن مسلم مدينة بخارى وهزم جميع العدو من الترك بها، وجرت بينهم فصول يطول ذكرها، وقد تقصاها ابن جرير (3).
وفيها طلب طرخون ملك الصغد بعد فتح بخارى من قتيبة أن يصالحه على مال يبذله في كل عام فأجابه قتيبة إلى ذلك وأخذ منه رهنا عليه. وفيها استنجد وردان خذاه بالترك فأتوه من جميع