وأخواته، وكانوا تسعة، وقيل إنه ذهب بصره قبل موته. توفي جابر بالمدينة وعمره أربع وتسعون سنة، وأسند إليه ألف وخمسمائة وأربعين حديثا.
شريح بن الحارث ابن قيس أبو أمية الكندي، وهو قاضي الكوفة، وقد تولى القضاء لعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، ثم عزله علي، ثم ولاه معاوية ثم استقل في القضاء إلى أن مات في هذه السنة، وكان رزقه على القضاء في كل شهر مائة درهم، وقيل خمسمائة درهم، وكان إذا خرج إلى القضاء يقول: سيعلم الظالم حظ من نقص، وقيل إنه كان إذا جلس للقضاء قرأ هذه الآية (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) الآية [ص: 26]، وكان يقول: إن الظالم ينتظر العقاب والمظلوم ينتظر النصر، وقيل إنه مكث قاضيا نحو سبعين سنة (1). وقيل إنه استعفى من القضاء قبل موته بسنة فالله أعلم. وأصله من أولاد الفرس الذين كانوا باليمن، وقدم المدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، توفي بالكوفة وعمره مائة وثمان سنين (2).
وقد روى الطبراني قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عارم أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب عن إبراهيم التيمي. قال: كان شريح يقول: سيعلم الظالمون حق من نقصوا. إن الظالم ينتظر العقاب، وإن المظلوم ينتظر النصر. ورواه الإمام أحمد عن إسماعيل بن علية، عن ابن عون، عن إبراهيم به. وقال الأعمش: اشتكى شريح رجله فطلاها بالعسل وجلس في الشمس فدخل عليه عواده فقالوا: كيف تجدك؟ فقال: صالحا. فقالوا: ألا أريتها الطبيب؟ قال: قد فعلت، قالوا: فماذا قال لك؟ قال: وعد خيرا: وفي رواية أنه خرج بإبهامه قرحة فقالوا: ألا أريتها الطبيب؟ قال: هو الذي أخرجها. وقال الأوزاعي: حدثني عبدة بن أبي لبابة قال: كانت فتنة ابن الزبير تسع سنين وكان شريح لا يختبر ولا يستخبر. ورواه ابن ثوبان عن عبدة عن الشعبي عن شريح قال: لما كانت الفتنة لم أسأل عنها. فقال رجل لو كنت مثلك ما باليت متى مت، فقال شريح: فكيف بما في قلبي. وقد رواه شقيق بن سلمة عن شريح قال: في الفتنة ما استخبرت ولا أخبرت ولا ظلمت مسلما ولا معاهدا دينارا ولا درهما، فقال أبو وائل: لو كنت على حالك لأحببت أن أكون قدمت، فأوى إلى قلبه فقال: كيف يهدأ، وفي رواية: كيف بما في صدري تلتقي الفتيتان وإحداهما أحب إلي من الأخرى. وقال لقوم رآهم يلعبون: مالي أراكم تلعبون؟