ستين ليلة من متوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم * ثم قدم أسامة بن زيد بعد ذلك بليال، فاستخلفه أبو بكر على المدينة، وأمرهم أن يريحوا ظهرهم، ثم ركب أبو بكر في الذين كانوا معه، في الوقعة المتقدمة، إلى ذي القصة، فقال له المسلمون: لو رجعت إلى المدينة وأرسلت رجلا، فقال: والله لا أفعل، ولأواسينكم بنفسي، فخرج في تعبئته، إلى ذي حسي وذي القصة، والنعمان وعبد الله وسويد بنو مقرن على ما كانوا عليه، حتى نزل على أهل الربذة بالأبرق (1) وهناك جماعه من بني عبس وذبيان، وطائفة من بني كنانة، فاقتتلوا فهزم الله الحارث وعوفا وأخذ الحطيئة أسيرا فطارت بنو عبس وبنو بكر، وأقام أبو بكر على الأبرق أياما وقد غلب بني ذبيان على البلاد، وقال: حرام على بني ذبيان أن يتملكوا هذه البلاد، إذ غنمناها الله وحمى الأبرق بخيول المسلمين، وأرعى سائر بلاد الربذة. ولما فرت عبس وذبيان صاروا إلى مؤازرة طلحة وهو نازل على بزاخة (2)، وقد قال في يوم الأبرق زياد بن حنظلة:
ويوم بالأبارق قد شهدنا * على ذبيان يلتهب التهابا أتيناهم بداهية نسوف * مع الصديق إذ ترك العتابا خروجه إلى ذي القصة حين عقد ألوية الامراء الأحد عشر وذلك بعد ما جم جيش أسامة واستراحوا، ركب الصديق أيضا في الجيوش الاسلامية شاهرا سيفه مسلولا، من المدينة إلى ذي القصة، وهي من المدينة على مرحلة، وعلي بن أبي طالب يقود براحلة الصديق رضي الله عنهما، كما سيأتي، فسأله الصحابة، منهم علي وغيره، وألحوا عليه أن يرجع إلى المدينة، وأن يبعث لقتال الاعراب غيره ممن يؤمره من الشجعان الابطال، فأجابهم إلى ذلك، وعقد لهم الألوية لاحد عشر أميرا، على ما سنفصله قريبا إن شاء الله * وقد روى الدارقطني من حديث عبد الوهاب بن موسى الزهري عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر قال: لما برز أبو بكر إلى القصة واستوى على راحلته، أخذ علي بن أبي طالب بزمامها وقال: إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: لم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، وارجع إلى المدينة، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للاسلام نظام أبدا، فرجع * هذا حديث غريب من طريق مالك، وقد رواه زكريا الساجي من حديث عبد الوهاب عن موسى بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف [و] الزهري أيضا عن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: خرج أبي شاهرا سيفه راكبا على راحلته إلى وادي