فأن تبتغي الكفار غير مسيلمة * جنوب فأني تابع الدين مسلم أجاهد إذ كان الجهاد غنيمة * ولله بالمرء المجاهد أعلم وقد قال خليفة بن خياط، ومحمد بن جرير، وخلق من السلف: كانت وقعة اليمامة في سنة إحدى عشرة، وقال ابن قانع: في آخرها، وقال الواقدي وآخرون: كانت في سنة ثنتي عشرة، والجمع بينها أن ابتداءها في سنة إحدى عشرة، والفراغ منها في سنة ثنتي عشرة والله أعلم * ولما قدمت وفود بني حنيفة على الصديق قال لهم: أسمعونا من قرآن مسيلمة، فقالوا: أو تعفينا يا خليفة رسول الله؟ فقال: لا بد من ذلك، فقالوا: كان يقول: يا ضفدع بنت الضفدعين نقي لكم نقين، لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين، رأسك في الماء، وذنبك في الطين (1)، وكان يقول: والمبذرات زرعا، والحاصدات حصدا، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والخابزات خبزا، والثاردات ثردا، واللاقمات لقما، إهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، رفيقكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والناعي فواسوه (2)، وذكروا أشياء من هذه الخرافات التي يأنف من قولها الصبيان وهم يلعبون، فيقال: إن الصديق قال لهم:
ويحكم، أين كان يذهب بقولكم؟ إن هذا الكلام لم يخرج من أل، وكان يقول: والفيل وما أدراك ما الفيل، له زلوم طويل، وكان يقول: والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسد من رطب ولا يابس، وتقدم قوله: لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشي، وأشياء من هذا الكلام السخيف الركيك البارد السميج * وقد أورد أبو بكر بن الباقلاني رحمه الله في كتابه إعجاز القرآن أشياء من كلام هؤلاء الجهلة المتنبئين كمسيلمة وطليحة والأسود وسجاح وغيرهم، مما يدل على ضعف عقولهم وعقول من اتبعهم على ضلالهم ومحالهم * وقد روينا عن عمرو بن العاص أنه وفد إلى مسيلمة في أيام جاهليته، فقال له مسيلمة:
ماذا أنزل على صاحبكم في هذا الحين؟ فقال له عمرو: لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة، فقال: وما هي؟ قال: أنزل عليه * (والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) * قال: ففكر مسيلمة ساعة ثم رفع رأسه فقال:
ولقد أنزل علي مثلها، فقال له عمرو: وما هي؟ فقال مسيلمة: يا وبر يا وبر، إنما أنت ايراد وصدر، وسائرك حفر نقر. ثم قال: كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب * وذكر علماء التاريخ أنه كان يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق في بئر فغزر ماؤه، فبصق في بئر فغاض ماؤه بالكلية: وفي أخرى فصار ماؤه أجاجا، وتوضأ وسقى بوضوئه نخلا فيبست وهلكت، وأتى بولدان يبرك عليهم فجعل يمسح رؤوسهم فمنهم من قرع رأسه، ومنهم من لثغ لسانه، ويقال: إنه دعا لرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمى * وقال