وحضرموت - يتنقل من بلد إلى بلد، ذكره سيف بن عمر، وذلك كله في سنة عشر، آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هم على ذلك إذ نجم هذا العين الأسود العنسي.
خروج الأسود العنسي واسمه عبهلة بن كعب بن غوث (1) - من بلد يقال لها: كهف حنان - في سبعمائة مقاتل، وكتب إلى عمال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها المتمردون علينا، أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا، ووفروا ما جمعتم، فنحن أولى به، وأنتم على ما أنتم عليه، ثم ركب فتوجه إلى نجران فأخذها بعد عشر ليال من مخرجه ثم قصد إلى صنعاء، فخرج إليه شهر بن باذام فتقاتلا، فغلبه الأسود وقتله، وكسر جيشه من الأبناء واحتل بلدة صنعاء لخمس وعشرين ليلة من مخرجه، ففر معاذ بن جبل من هنالك واجتاز بأبي موسى الأشعري، فذهبا إلى حضرموت وانحاز عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطاهر، ورجع عمر بن حرام وخالد بن سعيد بن العاص إلى المدينة، واستوثقت اليمن بكمالها للأسود العنسي، وجعل أمره يستطير استطارة الشرارة، وكان جيشه يوم لقي شهرا سبعمائة فارس، وأمراؤه قيس بن عبد يغوث ومعاوية بن قيس ويزيد بن محرم بن (2) حصن الحارثي، ويزيد بن الافكل الأزدي، واشتد ملكه، واستغلظ أمره، وارتد خلق من أهل اليمن وعامله المسلمون الذين هناك بالتقية، وكان خليفته على مذحج عمرو بن معدي كرب واسند أمر الجند إلى قيس بن عبد يغوث، وأسند أمر الأبناء إلى فيروز الديلمي وداذويه وتزوج بامرأة شهر بن باذام وهي ابنة عم فيروز الديلمي، واسمها زاذ (3)، وكانت امرأة حسناء جميلة، وهي مع ذلك مؤمنة بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الصالحات، قال سيف بن عمر التميمي: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابه، حين بلغه الأسود العنسي مع رجل يقال له: وبر بن يحنس الديلمي: يأمر المسلمين الذين هناك بمقاتلة الأسود العنسي ومصاولته، وقام معاذ بن جبل بهذا الكتاب أتم القيام، وكان قد تزوج امرأة من السكون يقال لها: رملة، فحزبت عليه السكون لصبره فيهم، وقاموا معه في ذلك، وبلغوا هذا الكتاب إلى عمال النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قدروا عليه من الناس، واتفق اجتماعهم بقيس بن عبد يغوث أمير الجند - وكان قد غضب على الأسود، واستخف به، وهم بقتله - وكذلك كان أمر فيروز الديلمي، قد ضعف عنده أيضا، وكذا داذويه، فلما أعلم وبر بن يحنس قيس بن عبد يغوث، وهو قيس بن مكشوح، كان كأنما نزلوا عليه من السماء، ووافقهم على الفتك بالأسود وتوافق المسلمون على ذلك، وتعاقدوا عليه، فلما أيقن ذلك في الباطن اطلع شيطان الأسود للأسود على شئ من ذلك، فدعا قيس بن مكشوح، فقال له: يا قيس ما يقول