الجمار، فوضع السباحتين ثم قال حصى الخذف (1). ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد ثم نزل الناس بعد ذلك. وقد رواه أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه. وأخرجه النسائي من حديث ابن المبارك عن عبد الوارث كذلك. وتقدم رواية الامام (أحمد) له عن عبد الرزاق عن معمر عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن معاذ عن (2) رجل من الصحابة. فالله أعلم. وثبت في الصحيحين، من حديث ابن جريج، عن الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو يخطب يوم النحر فقام إليه رجل فقال: كنت أحسب أن كذا وكذا قبل كذا وكذا. ثم قام آخر فقال: كنت أحسب أن كذا وكذا قبل كذا، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم افعل ولا حرج. وأخرجاه من حديث مالك. زاد مسلم ويونس عن الزهري به. وله ألفاظ كثيرة ليس هذا موضع استقصائها. ومحله كتاب الأحكام وبالله المستعان وفي لفظ الصحيحين. قال فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم عن شئ قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج.
فصل ثم نزل عليه السلام بمنى حيث المسجد اليوم فيما يقال، وأنزل المهاجرين يمنته، والأنصار يسرته، والناس حولهم من بعدهم. وقال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة، ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري، ثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا إسرائيل، عن إبراهيم بن المهاجر، عن يوسف بن ماهك عن أم مسيكة عن عائشة. قالت: قيل يا رسول الله ألا نبني لك بمنى بناء يظلك. قال: لا منى مناخ من سبق.
وهذا إسناد لا بأس به وليس هو في المسند ولا في الكتب الستة من هذا الوجه. وقال أبو داود: ثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي، ثنا يحيى، عن ابن جريج [حدثني حريز] (3) أو أبو حريز - الشك من يحيى - أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ، يسأل ابن عمر قال: إنا نتبايع بأموال الناس فيأتي أحدنا مكة، فيبيت على المال فقال: أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى وظل. انفرد به أبو داود.
ثم قال أبو داود (4): ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا ابن نمير وأبو أسامة، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر قال: استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له.