ورواه أبو داود منفردا به. وهذا يدل على أن ذهابه عليه السلام إلى مكة يوم النحر كان بعد الزوال. وهذا ينافي حديث ابن عمر قطعا وفي منافاته لحديث جابر نظر. والله أعلم.
فصل وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم الشريف خطبة عظيمة تواترت بها الأحاديث ونحن نذكر منها ما يسره الله عز وجل. قال البخاري (1): باب الخطبة أيام منى. حدثنا علي بن عبد الله، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا فضيل بن غزوان، ثنا عكرمة عن ابن عباس. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس، يوم النحر. فقال: يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام. قال: فأي بلد هذا؟ قالوا: بلد حرام. قال: فأي شهر هذا؟ قالوا: شهر حرام قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. قال: فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت اللهم قد بلغت قال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته - فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. ورواه الترمذي عن الفلاس عن يحيى القطان به. وقال حسن صحيح. وقال البخاري أيضا: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أبو عامر، ثنا قرة (2)، عن محمد بن سيرين أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي بكرة رضي الله عنه. قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال:
أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال:
أليس هذا يوم النحر؟ قلنا: بلى! قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس ذو الحجة؟ قلنا: بلى! قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس بالبلدة الحرام؟ قلنا:
بلى! قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم! قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. ورواه البخاري ومسلم من طرق عن محمد بن سيرين به. ورواه مسلم: من حديث عبد الله بن عون، عن ابن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه فذكره. وزاد في آخره: ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جذيعة من الغنم فقسمها بيننا. وقال الإمام أحمد: ثنا إسماعيل، أنبأنا أيوب، عن محمد بن سيرين عن أبي بكرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنى عشر شهرا منها أربعة