إليك تغدوا وضينها * معترضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينها حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم ولم يزل معه حتى قتل بعد ذلك. قال ودخل الوفد نجران فأتي الراهب بن أبي شمر الزبيدي، وهو في رأس صومعته فقال له: إن نبيا بعث بتهامة فذكر ما كان من وفد نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه عرض عليهم الملاعنة فأبوا وإن بشر بن معاوية دفع إليه فأسلم فقال الراهب أنزلوني وإلا ألقيت نفسي من هذه الصومعة قال: فأنزلوه فأخذ معه هدية وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها هذا البرد الذي يلبسه الخلفاء وقعب وعصا. فأقام مدة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الوحي ثم رجع إلى قومه ولم يقدر له الاسلام ووعد أنه سيعود فلم يقدر له حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الأسقف أبا الحارث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السيد والعاقب ووجوه قومه فأقاموا عنده يسمعون ما ينزل الله عليه وكتب للأسقف هذا الكتاب ولأساقفة نجران بعده: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي للأسقف أبي الحارث وأساقفة نجران وكهنتهم ورهبانهم وكل ما تحت أيديهم من قليل وكثير جوار الله ورسوله لا يغير أسقف من أسقفته ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم ولا ما كانوا عليه من ذلك، جوار الله ورسوله أبدا ما أصلحوا ونصحوا عليهم غير مبتلين بظلم ولا ظالمين وكتب المغيرة بن شعبة (1).
وذكر محمد بن إسحاق: أن وفد نصارى نجران كانوا ستين راكبا يرجع أمرهم إلى أربعة عشر منهم: وهم العاقب واسمه عبد المسيح والسيد وهو الأتهم وأبو حارثة بن علقمة وأوس بن الحارث وزيد وقيس ويزيد ونبيه وخويلد وعمرو وخالد وعبد الله ويحنس وأمر هؤلاء الأربعة عشر يؤل إلى ثلاثة منهم وهم العاقب وكان أمير القوم وذا رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه والسيد وكان ثمالهم وصاحب رحلهم وأبو حارثة بن علقمة وكان أسقفهم وخيرهم وكان رجل من العرب من بكر بن وائل ولكن دخل في دين النصرانية فعظمته الروم وشرفوه وبنوا له الكنائس ومولوه وخدموه لما يعرفون من صلابته في دينهم وكان مع ذلك يعرف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن صده الشرف والجاه من اتباع الحق. وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني بريدة بن سفيان عن ابن البيلماني عن كرز بن علقمة. قال: قدم وفد نصارى نجران ستون راكبا منهم أربعة وعشرون رجلا من أشرافهم والأربعة والعشرون منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم العاقب والسيد وأبو حارثة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم وصاحب مدارستهم وكانوا قد شرفوه فيهم ومولوه وأكرموه، وبسطوا عليه الكرامات وبنوا له الكنائس لما بلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم، فلما توجهوا من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له وإلى جنبه أخ له يقال له كرز بن