قال ابن إسحاق: فالله أعلم أي ذلك كان (1). وذكر السهيلي وغيره أن الرحال بن عنفوة - واسمه نهار بن عنفوة - وكان قد أسلم وتعلم شيئا من القرآن وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة، وقد مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أبي هريرة وفرات بن حيان فقال لهم: " أحدكم ضرسه في النار مثل أحد " فلم يزالا خائفين حتى ارتد الرحال مع مسيلمة وشهد له زورا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشركه في الامر معه، وألقى إليه شيئا مما كان يحفظه من القرآن فادعاه مسيلمة لنفسه فحصل بذلك فتنة عظيمة لبني حنيفة وقد قتله زيد بن الخطاب يوم اليمامة كما سيأتي. قال السهيلي: وكان مؤذن مسيلمة يقال له حجير، وكان مدبر الحرب بين يديه محكم بن الطفيل، وأضيف إليهم سجاح وكانت تكنى أم صادر تزوجها مسيلمة وله معها أخبار فاحشة، واسم مؤذنها زهير بن عمرو وقيل جنبة بن طارق، ويقال إن شبث بن ربعي أذن لها أيضا ثم أسلم وقد أسلمت هي أيضا أيام عمر بن الخطاب فحسن إسلامها، وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق: وقد كان مسيلمة بن حبيب كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك، أما بعد: فإني قد أشركت في الامر معك، فإن لنا نصف الامر، ولقريش نصف الامر، ولكن قريشا قوم يعتدون (2). فقدم عليه رسولان بهذا الكتاب. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإن الأرض يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. قال وكان ذلك في آخر سنة عشر - يعني ورود هذا الكتاب - قال يونس بن بكير عن ابن إسحاق فحدثني سعد بن طارق عن سلمة بن نعيم بن مسعود عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه رسولا مسيلمة الكذاب بكتابه يقول لهما:
" وأنتما تقولان مثل ما يقول؟ " قالا: نعم! فقال: أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما (3). وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا المسعودي، عن عاصم، عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود. قال: جاء ابن النواحة وابن أثال رسولين لمسيلمة الكذاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لهما: " أتشهدان أني رسول الله " فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " آمنت بالله ورسله، ولو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما " قال عبد الله بن مسعود فمضت السنة بأن الرسل لا تقتل. قال عبد الله: فأما ابن أثال فقد كفاه الله، وأما ابن النواحة فلم يزل في نفسي منه حتى أمكن الله منه. قال الحافظ البيهقي أما أسامة (4) بن أثال فأنه أسلم وقد مضى الحديث في اسلامه. وأما ابن النواحة [فإن ابن مسعود قتله بالكوفة حين أمكن الله منه] (5)