والقصاص الجهلة في دعواهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي بأشياء كثيرة يسوقونها مطولة، يا علي أفعل كذا، يا علي لا تفعل كذا، يا علي من فعل كذا كان كذا وكذا. بألفاظ ركيكة ومعان أكثرها سخيفة وكثير منها صحفية لا تساوي تسويد الصحيفة. والله أعلم. وقد أورد الحفظ البيهقي: من طريق حماد بن عمرو النصيبي - وهو أحد الكذابين الصواغين - عن السري بن خلاد (1) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: يا علي أوصيك بوصية أحفظها فإنك لا تزال بخير ما حفظتها، يا علي إن للمؤمن ثلاث علامات الصلاة والصيام والزكاة.
قال البيهقي: فذكر حديثا طويلا في الرغائب والآداب وهو حديث موضوع وقد شرطت في أول الكتاب أن لا أخرج فيه حديثا أعلمه موضوعا، ثم روى من طريق حماد بن عمرو، هذا عن زيد بن رفيع، عن مكحول الشامي. قال: هذا ما قال الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب حين رجع من غزوة حنين وأنزلت عليه سورة النصر. قال البيهقي: فذكر حديثا طويلا في الفتنة وهو أيضا حديث منكر ليس له أصل، وفي الأحاديث الصحيحة كفاية وبالله التوفيق.
ولنذكر ها هنا ترجمة حماد بن عمرو أبي إسماعيل النصيبي (2) روى عن الأعمش وغيره وعنه إبراهيم بن موسى، ومحمد بن مهران، وموسى بن أيوب وغيرهم. قال يحيى بن معين: هو ممن يكذب ويضع الحديث. وقال عمرو بن علي الفلاس وأبو حاتم: منكر الحديث ضعيف جدا. وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: كان يكذب. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو زرعة:
واهي الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: يضع الحديث وضعا. وقال ابن عدي:
عامة حديثه مما لا يتابعه أحد من الثقات عليه. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال الحاكم أبو عبد الله: يروي عن الثقات أحاديث موضوعة، وهو ساقط بمرة. فأما الحديث الذي قال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا حمزة بن العباس العقبي ببغداد، ثنا عبد الله بن روح المدائني، ثنا سلام بن سليمان المدائني، ثنا سلام بن سليم الطويل، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الحسن المقبري (3)، عن الأشعث بن طليق، عن مرة بن شراحيل، عن عبد الله بن مسعود. قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعنا في بيت عائشة فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عيناه، ثم قال لنا: قد دنا الفراق، ونعى إلينا نفسه، ثم قال: مرحبا بكم حياكم الله، هداكم الله، نصركم الله، نفعكم الله، وفقكم الله، سددكم الله، وقاكم الله، أعانكم الله. قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم، إني لكم منه نذير مبين، أن لا تعلوا على الله في عبادة وبلاده. فإن الله قال لي ولكم * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا