لمالك: وما صكة الأعمى (1)؟ قال إنه لا يبالي أي ساعة خرج لا يعرف الحر والبرد أو نحو هذا.
فوجدت سعيد بن زيد، عند ركن المنبر الأيمن قد سبقني فجلست حذاءه تحك ركبتي ركبته فلم أنشب أن طلع عمر فلما رأيته قلت: ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله.
قال: فأنكر سعيد بن زيد ذلك وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل أحد؟ فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذن قام: فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني قائل مقالة وقد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن وعاها وعقلها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن لم يعها فلا أحل له أن يكذب علي، إن الله بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها وعقلناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله عز وجل، فالرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، ألا وإنا قد كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم، ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله. وقد بلغني أن قائلا منكم يقول لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة (2) فتمت ألا وأنها كانت كذلك إلا إن الله وقى شرها وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، وأنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلف عنها الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت له: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلت نريد إخواننا من الأنصار فقالا: لا عليكم. أن لا تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين. فقلت: والله لنأتينهم فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة فقلت ماله قالوا:
وجع فلما جلسنا قام خطيبهم: فأثنى على الله بما هو أهله وقال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة.
الاسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط نبينا وقد دفت دافة منكم تريدون أن تختزلونا من أصلنا، وتحصنونا (3) من الامر فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحكم مني، وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حين سكت. فقال: أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم