حتى ألقته بحبل طئ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: " ألم أنهكم أن يخرج رجل إلا ومعه صاحب له " ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي، وأما الآخر فإنه وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك وفي رواية زياد عن ابن إسحاق أن طيئا أهدته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع إلى المدينة.
قال ابن إسحاق: وقد حدثني عبد الله بن أبي بكر أن العباس بن سهل سمى له الرجلين، لكنه استكتمه إياهما فلم يحدثني بهما (1). وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا وهيب بن خالد ثنا عمرو بن يحيى، عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبي حميد الساعدي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك حتى جئنا وادي القرى، فإذا امرأة في حديقة لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أخرصوا " فخرص القوم وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة: " احصي ما يخرج منها حتى أرجع إليك أن شاء الله " قال: فخرج حتى قدم تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنها ستهب عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقومن فيها رجل، فمن كان له بعير فليوثق عقاله " قال أبو حميد: فعقلناها فلما كان من الليل هبت علينا ريح شديدة فقام فيها رجل فألقته في جبل طئ، ثم جاء رسول الله ملك إيلة فأهدى لرسول الله بغلة بيضاء، وكساه رسول الله بردا وكتب له يجيرهم (2) ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جئنا وادي القرى قال للمرأة " كم جاءت حديقتك؟ " قالت عشرة أوسق خرص رسول الله، فقال رسول الله " إني متعجل فمن أحب منكم أن يتعجل فليفعل " قال فخرج رسول الله وخرجنا معه حتى إذا أوفى على المدينة قال: " هذه طابة ". فلما رأى أحدا قال " هذا أحد (3) يحبنا ونحبه، ألا أخبركم بخير دور الأنصار؟ " قلنا بلى يا رسول الله قال " خير دور الأنصار بنو النجار، ثم دار بني عبد الأشهل (4)، ثم دار بني ساعدة، ثم في كل دور الأنصار خير " (5). وأخرجه البخاري ومسلم من غير وجه عن عمرو بن يحيى به نحوه. وقال الامام مالك رحمه الله عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، أن معاذ بن جبل أخبره: أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك، فكان يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، قال: فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا، ثم قال " إنكم ستأتون غذا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتونها حتى يضحى ضحى النهار فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي "