وما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، كما لو جاء بنحو ذلك في الإجارة، أو أنه جائز شرعا في نفسه ولا يدخل في عقد من العقود، من غير فرق بين الأعيان والأعمال، فله أن يأذن له في سكنى الدار بأجرة المثل، كما له أن يستعمل بها من يأمره بالعمل.
وكيف كان فاشتراط المعلومية فيه على الوجه المزبور لا تخص المكيل والموزون والمعدود، إذ قد تكون بغيرها، فيعتبر فيه المعلومية بما يرفع الغرر عنه، كما في البيع والإجارة، ولا تكفي المشاهدة عند من لا يكتفى بها في الإجارة.
ولعله لذا قال المصنف بعد أن ذكر المعلومية في المكيل إلى آخره: * (ولو كان مجهولا ثبت بالرد أجرة المثل كأن يقول: من رد عبدي فله ثوب أو دابة) * إلا أن إقامة الدليل على ذلك في غاية الصعوبة، لاطلاق الأدلة، ولأن مبني الجعالة على الجهالة في أحد العوضين قطعا، فصار أمرها مبينا على احتمال الغرر، فكما تمس الحاجة إلى جهالة العمل تمس الحاجة إلى جهالة العوض بأن لا يريد بذل شئ آخر غير المجعول عليه، إذ قد يتفق ذلك (1) بأن يريد تحصيل الآبق ببعضه وعمل الزرع ببعضه ونحو ذلك، ودعوى عدم الرغبة في مثل ذلك في العادة مخالفة للوجدان، فإنها مطردة بالرغبة في أعمال كثيرة مجهولة بجزء منها ومما ذكرنا يعلم ما في الاستدلال على أصل الحكم بأنه لا حاجة إلى احتمال الجهالة فيه بخلاف العمل، فإنه لا يكاد يرغب أحد في العمل إذا لم يعلمه بالجعل، فلا يحصل مقصود العقد، مع أنه لا محصل له بحيث يرجع إلى دليل معتبر.
نعم لو ثبت النهي عن النبي صلى الله عليه وآله عن مطلق الغرر أمكن الاستدلال به،