ووصلت الأخبار إلى مصر فسيروا ناصر الدولة أبا علي بن ناصر الدولة بن حمدان في عسكر بعد اثنين وثلاثين يوما من دخول محمود حلب فلما قارب البلد خرج محمود عن حلب إلى البرية واختفى الأحداث جميعهم، وكان عطية بن صالح نازلا بقرب البلد وقد كره فعل محمود ابن أخيه فقبض ابن ملهم على مائة و خمسين من الأحداث، ونهب وسط البلد وأخذ أموال الناس.
وأما ناصر الدولة فلم يمكن أصحابه من دخول البلد ونهبه، وسار في طلب محمود فالتقيا بالغنيدق في رجب، فانهزم أصحاب ابن حمدان وثبت هو فجرح وحمل إلى محمود أسيرا فأخذه وسار إلى حلب فملكها وملك القلعة في شعبان سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وأطلق ابن حمدان فسار هو وابن ملهم إلى مصر، فجهز المصريون معز الدولة ثمال بن صالح إلى ابن أخيه فحصره في حلب في ذي الحجة من السنة، فاستنجد محمود خاله منيع بن شبيب بن وثاب النميري صاحب حران فجاء إليه فلما بلغ ثمالا مجيئه سار عن حلب إلى البرية في المحرم سنة ثلاث وخمسين وعاد منيع إلى حران فعاد ثمال إلى حلب وخرج إليه محمود ابن أخيه فاقتتلوا وقاتل محمودا قتالا شديدا، ثم انهزم محمود فمضى إلى أخواله بني نمير بحران وتسلم ثمال حلب في ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين [وأربعمائة] وخرج إلى الروم فغزاهم ثم توفي بحلب في ذي القعدة سنة أربع وخمسين [وأربعمائة]، وكان كريما حليما وأوصى بحلب لأخيه عطية بن صالح فملكها.
ونزل به قوم من التركمان مع ابن خان التركماني فقوي بهم فأشار أصحابه بقتلهم فأمر أهل البلد بذلك فقتلوا منهم جماعة ونجا الباقون، فقصدوا