أبا عبد الله بن ناصر الدولة بن حمدان فخرج أهل حلب إلى حربه فهزمهم واختنق منهم بالباب جماعة، ثم إنه رحل عن حلب وعاد إلى مصر وأصلبهم سيل ذهب بكثير من دوابهم وأثقالهم فأنفذ المصريون إلى قتال معز الدولة خادما يعرف برفق، فخرج إليه في أهل حلب فقاتلوه فانهزم المصريون وأسر رفق ومات عندهم وكان أسره سنة إحدى وأربعين [وأربعمائة] في ربيع الأول.
ثم إن معز الدولة بعد ذلك أرسل الهدايا إلى المصريين وأصلح أمره معهم ونزل لهم عن حلب فأنفذوا إليها أبا علي الحسن بن علي بن ملهم ولقبوه مكين الدولة فتسلمها من ثمال في ذي القعدة سنة تسع وأربعين [وأربعمائة]، وسار ثمال إلى مصر في ذي الحجة وسار أخوه أبو ذؤابة عطية بن صالح إلى الرحبة وأقام ابن ملهم بحلب، فجرى بين بعض السودان وأحداث حلب حرب.
وسمع ابن ملهم أن بعض أهل حلب قد كاتب محمود بن شبل الدولة نصر بن صالح يستدعونه ليسلموا البلد إليه فقبض على جماعة منهم، وكان منهم رجل يعرف بكامل بن نباتة فخاف فجلس يبكي، وكان يقول لكل من سأله عن بكائه: إن أصحابنا الذين أخذوا قد قتلوا وأخاف على الباقين. فاجتمع أهل البلد واشتدوا وراسلوا محمودا وهو منهم على مسير يوم يستدعونه وحصروا ابن ملهم وجاء محمود وحصره معهم في جمادي الآخرة سنة اثنتين وخمسين [وأربعمائة].