صالح بالقلعة فغار الماء الذي بها فلم يبق لهم ما يشربون فسلم الجند القلعة إليه وذلك سنة أربع عشرة [وأربعمائة]، وملك من بعلبك إلى عانة وأقام بحلب ست سنين.
فلما كانت سنة عشرين وأربعمائة جهز الظاهر صاحب مصر جيشا وسيرهم إلى الشام لقتال صالح وحسان، وكان مقدم العسكر أنوشتكين البربري، فاجتمع صالح وحسان على قتاله فاقتتلوا بالأقحوانة على الأردن عند طبرية فقتل صالح وولده الأصغر ونفذ رأسهما إلى مصر ونجا ولده أبو كامل نضر بن صالح، فجاء إلى حلب وملكها وكان لقبه شبل الدولة.
فلما علمت الروم بأنطاكية الحال تجهزوا إلى حلب في عالم كثير فخرج أهلها فحاربوهم فهزموهم ونهبوا أموالهم وعادوا إلى أنطاكية، وبقي شبل الدولة مالكا لحلب إلى سنة تسع وعشرين وأربعمائة، فأرسل إليه الدزبري العساكر المصرية وصاحب مصر حينئذ المستنصر بالله فلقيهم عند حماه فقتل في شعبان وملك الدزبري حلب في رمضان سنة تسع وعشرين [وأربعمائة]، وملك الشام جميعه وعظم أمره وكثر ماله وارسل يستدعي الجند الأتراك من البلاد، فبلغ المصريين عنه أنه عازم على العصيان فتقدموا إلى أهل دمشق بالخروج عن طاعته ففعلوا فسار عنها نحو حلب في ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين [وأربعمائة] وتوفي بعد ذلك بشهر واحد.
وكان أبو علوان ثمال بن صالح بن مرداس الملقب بمعز الدولة بالرحبة، فلما بلغه موت الدزبري جاء إلى حلب فملكها تسليما من أهلها وحصر امرأة الدزبري وأصحابه بالقلعة أحد عشر شهرا وملكها في صفر ستة أربع وثلاثين [وأربعمائة] فبقي فيها إلى سنة أربعين، فأنفذ المصريون إلى محاربته