ركوة ومعه بنو قرة وساروا إلى حللهم، فلما بلغوها ثبطهم الماضي عنه فقالوا له قد قاتلنا معك ولم يبق فينا قتال فخذ لنفسك وانج؛ فسار إلى بلد النوبة. فلما بلغ إلى حصن يعرف بحصن الجبل للنوبة أظهر أنه رسول من الحاكم إلى ملكهم فقال له صاحب الحصن الملك عليل ولا بد من استخراج أمره في مسيرك إليه.
وبلغ الفضل الخبر فأرسل إلى صاحب القلعة بالخبر على حقيقته فوكل به من يحفظه وأرسل إلى الملك بالحال وكان ملك النوبة قد توفي وملك ولده فأمر بان يسلم إلى نائب الحاكم، فتسلمه رسول الفضل وسار به فلقيه الفضل وأكرمه وأنزله في مضاربة وحمله إلى مصر فأشهر بها وطيف به.
وكتب أبو ركوة إلى الحاكم رقعة يقول فيها: يا مولانا الذنوب عظيمة وأعظم منها عفوك والدماء حرام ما لم يحللها سخطك وقد أحسنت وأسأت وما وما ظلمت إلا نفسي وسوء عملي أوبقني، وأقول:
(فررت فلم يغن الفرار ومن يكن * مع الله لم يعجزه في الأرض هارب) (ووالله ما كان الفرار لحاجة * سوي فزع الموت الذي أنا شارب) (وقد قادني جرمي إليك برمتي * كما خر ميت في رحا الموت سارب) (واجمع كل الناس أنك قاتلي * فيا رب طن ربه فيك كاذب) (وما هو إلا الانتقام وينتهي * وأخذك منه واجبا لك واجب)