المعروف بقائد القواد فسار، حينئذ عن برقة إلى الصعيد، وعلم الحاكم فاشتد خوفه وبلغ الأمر به كل مبلغ وجمع عساكر واستشارهم، وكتب إلى الشام يستدعي العساكر فجاءته وفرق الأموال والدواب والسلاح وسيرهم وهم إثنا عشر الف رجل بين فارس وراجل سوى العرب واستعمل عليهم الفضل بن عبد الله فلما قاربوا أبا ركوة لقيهم في عساكره ورام مناجزة المصريين والفضل يحاجزه ويدافع ويراسل أصحاب أبي ركوة يستميلهم ويبذل لهم الرغائب فأجابه قائد كبير من بني قرة يعرف بالماضي وكان يطالعه بأخبار القوم وما هم عازمون فيدبر الفضل أمره على حسب ما يعلمه منه.
وضاقت الميرة على العساكر فاضطر الفضل إلى اللقاء فالتقوا واقتتلوا بكوم شريك فقتل بين الفريقين قتلى كثيرة ورأى الفضل من جمع أبي ركوة ما هاله وخاف المناجزة فعاد إلى عسكره.
وراسل بنو قرة العرب الذين في عسكر الحاكم يستدعونهم إليهم ويذكرونهم أعمال الحاكم بهم فأجابوهم واستقر الأمر أن يكون الشام للعرب ويصير لأبي ركوة ومن معه مصر وتواعدوا ليلة يسير فيها أبو ركوة إلى الفضل فإذا وصل إليه انهزمت العرب ولا يبقى دون مصر مانع. فكتب الماضي إلى الفضل بذلك فلما كان ليلة الميعاد جمع الفضل رؤساء العرب ليفطروا عنده وأظهر أنه صائم وطاولهم الحديث وتركهم في خيمة واعتزلهم ووصى أصحابه بالحذر ورام العرب العود إلى خيامهم فعللهم وطاولهم ثم أحضر الطعام وأحضرهم فأكلوا وتحدثوا.