النهيكي فلما صار أهل هذه القافلة إلى فيد بلغهم خبر الخبيث زكرويه وأصحابه وأقاموا بفيد أياما ينتظرون تقوية لهم من قبل السلطان وقد كان ابن كشمرد رجع من الطريق إلى القادسية في الجيوش التي أنفذها السلطان معه وقبله وبعد ثم سار زكرويه إلى فيد وبها عامل السلطان يقال له حامد بن فيروز فالتجأ منه حامد إلى أحد حصنيها في نحو من مائة رجل كانوا معه في المسجد وشحن الحصن الآخر بالرجال فجعل زكرويه يراسل أهل فيد ويسألهم أن يسلموا إليه عاملهم ومن فيها من الجند وأنهم إن فعلوا ذلك آمنهم فلم يجيبوه إلى ما سأل ولما لم يجيبوه حاربهم فلم يظفر منهم بشئ قال فلما رأى أنه لا طاقة له بأهلها تنحى فصار إلى النباج ثم إلى حفير أبى موسى الأشعري * وفى أول شهر ربيع الأول أنهض المكتفى وصيف بن صوارتكين ومعه من القواد جماعة فنفذوا من القادسية على طريق خفان فلقيه وصيف يوم السبت لثمان بقين من شهر ربيع الأول فاقتتلوا يومهم ثم حجز بينهم الليل فباتوا يتحارسون ثم عاودهم الحرب فقتل جيش السلطان منهم مقتلة عظيمة وخلصوا إلى عدو الله زكرويه فضربه بعض الجند بالسيف على قفاه وهو مول ضربة اتصلت بدماغه فأخذ أسيرا وخليفته وجماعة من خاصته وأقربائه فيهم ابنه وكاتبه وزوجته واحتوى الجند على ما في عسكره وعاش زكرويه خمسة أيام ثم مات فشق بطنه ثم حمل بهيئته وانصرف بمن كان بقى حيا في يديه من أسرى الحاج (وفيها) غزا ابن كيغلغ من طرسوس فأصاب من العدو أربعة آلاف رأس سبى ودواب ومواشي كثيرة ومتاعا ودخل بطريق من البطارقة إليه في الأمان وأسلم وكان شخوصه من طرسوس لهذه الغزاة في أول المحرم من هذه السنة (وفيها) كاتب أندر ونقس البطريق السلطان يطلب الأمان وكان على حرب أهل الثغور من قبل صاحب الروم فأعطى ذلك فخرج وأخرج نحوا من مائتي نفس من المسلمين كانوا أسرى في حصنه وكان صاحب الروم قد وجه إليه من يقبض عليه فأعطى المسلمين الذين كانوا في حصنه أسرى السلاح وأخرج معهم بعض بنيه فكبسوا البطريق الموجه إليه
(٢٤٧)