القافلة الثانية وقد كان السلطان كتب إلى رؤساء القافلتين الثانية والثالثة ومن كان فيهما من القواد والكتاب مع جماعة من الرسل الذين تنكبوا طريق الجادة بخبر الفاسق وفعله بالحاج ويأمرهم بالتحرز منه والعدول عن الجادة نحو واسط والبصرة أو الرجوع إلى فيد أو إلى المدينة إلى أن يلحق بهم الجيوش ووصلت الكتب إليهم فلم يسمعوا ولم يقيموا ولم يلبثوا وتقدم أهل القافلة الثانية وفيها المبارك القمي وأحمد بن نصر العقيلي وأحمد بن علي بن الحسين الهمذاني فوافوا الفجرة وقد رحلوا عن واقصة وعوروا مياهها وملؤا بركها وبئارها بجيف الإبل والدواب التي كانت معهم مشققة بطونها ووردوا منزل العقبة في يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من المحرم فحاربهم أصحاب القافلة الثانية وكان أبو العشائر مع أصحابه في أول القافلة ومبارك القمي فيمن معه في ساقتها فجرت بينهم حرب شديدة حتى كشفوهم وأشرفوا على الظفر بهم فوجد الفجرة من ساقتهم غرة فركبوهم من جهتها ووضعوا رماحهم في جنوب إبلهم وبطونها فطحنتهم الإبل وتمكنوا منهم فوضعوا السيف فيهم فقتلوهم عن آخرهم إلا من استعبدوه ثم أنفذوا إلى ما دون العقبة بأميال فوارس لحقوا المفلتة من السيف فأعطوهم الأمان فرجعوا فقتلوهم أجمعين وسبوا من النساء ما أحبوا واكتسحوا الأموال والأمتعة وقتل المبارك القمي والمظفر ابنه وأسر أبو العشائر وجمع القتلى فوضع بعضهم على بعض حتى صاروا كالتل العظيم ثم قطعت يدا أبى العشائر ورجلاه وضربت عنقه وأطلق من النساء من لم يرغبوا فيه وأفلت من الجرحى قوم وقعوا بين القتلى فتحاملوا في الليل ومضوا فمنهم من مات ومنهم من نجا وهم قليل وكان نساء القرامطة يطفن مع صبيانهم في القتلى يعرضون عليهم الماء فمن كلمهم أجازوا عليه وقيل إنه كان في القافلة من الحاج زها عشرين ألف رجل قتل جميعهم غير نفر يسير ممن قوى على العدو فنجا بغير زاد ومن وقع في القتل وهو مجروح وأفلت بعد أو من استعبدوه لخدمتهم. وذكر أن الذي أخذوا من المال والأمتعة الفاخرة في هذه القافلة قيمة ألفى ألف دينار. وذكر
(٢٤٥)