يقيموا بها إلا ثلاثا حتى قرب محمد بن إسحاق منهم فهربوا منه نحو الماءين فنهض محمد نحوهم فوجدهم قد عوروا اليماه بينه وبينهم فأنفذت إليه من الحضرة الإبل والروايا والزاد وكتب إلى الحسين بن حمدان بالنفوذ من جهة الرحبة إليهم ليجتمع هو ومحمد بن إسحاق على الايقاع بهم فلما أحس الكلبيون باشراف الجند عليهم ائتمروا بعدو الله المسمى نصرا فوثبوا عليه وفتكوا به وتفرد بقتله رجل منهم يقال له الذئب بن القائم وشخص إلى الباب متقربا بما كان منه ومستأمنا لبقيتهم فأسنيت له الجائزة وعرف له ما أتاه وكف عن طلب قومه فمكث أياما ثم هرب وظفرت بطلائع محمد بن إسحاق برأس المسمى بنصر فاحتزوه وأدخلوه مدينة السلام واقتتلت القرامطة بعده حتى وقعت بينهما الدماء فصار مقدام ابن الكيال إلى ناحية طيئ مفلتا بما احتوى عليه من الحطام وصارت فرقة منهم كرهت أمورهم إلى بنى أسد المقيمين بنواحي عين التمر فجاوروهم وأرسلوا إلى السلطان وفدا يعتذرون مما كان منهم ويسألون إقرارهم في جوار بنى أسد فأجيبوا إلى ذلك وحصلت على الماءين بقية الفسقة المستبصرة في دين القرامطة وكتب السلطان إلى حسين بن حمدان في معاودتهم باجتثاث أصولهم فأنفذ زكرويه إليهم داعية له من أكرة أهل السواد يسمى القاسم بن أحمد بن علي ويعرف بأبي محمد من رستاق نهر تلحانا فأعلمهم أن فعل الذئب بن القائم قد أنفره عنهم وثقل قلبه عليهم وأنهم قد ارتدوا عن الدين وأن وقت ظهورهم قد حضر وقد بايع له بالكوفة أربعون الف رجل وفى سوادها أربعمائة ألف رجل وأن يوم موعدهم الذي ذكره الله في كتابه في شأن موسى كليمه صلى الله عليه وسلم وعدو * فرعون إذ يقول " موعدكم يوم الزينة وأن يشحر الناس ضحى " وأن زكرويه يأمرهم أن يخفوا أمرهم ويظهروا الانقلاع نحو الشأم ويسيروا نحو الكوفة حتى يصبحوها غداة يوم النحر وهو يوم الخميس لعشر تخلو من ذي الحجة سنة 293 فإنهم لا يمنعون منها وانه يظهر لهم وينجز لهم وعده الذي كانت رسله تأتيهم به وأن يحملوا القاسم بن أحمد معهم فامتثلوا أمره ووافوا باب الكوفة وقد انصرف الناس عن
(٢٣٨)