ما انتهبوا من عسكرهم وكانت الوقعة وأسر وصيف الخادم فيما قيل يوم الخميس لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة وكان من اليوم الذي ارتحل المعتضد فيه من مضربه بباب الشماسية إلى أن قبض على الخادم ستة وثلاثون يوما ولما قبض المعتضد على الخادم انصرف فيما ذكر إلى عين زربة فأقام بها يومين فلما كان في صبيحة الثالث اجتمع إليه أهل عين زربة وسألوه أن يرحل عنهم لضيق الميرة ببلدهم فرحل عنها في اليوم الثالث فنزل المصيصة بجميع عساكره إلا أبا الأغر خليفة ابن المبارك فإنه كان وجهه ليأخذ على الخادم الطريق لئلا يصير إلى مرعش وناحية ملطية وكان الخادم قد أنفذ عياله وعيال أصحابه إلى مرعش وبلغ أصحاب الخادم الذين كانوا قد هربوا ما بذل لهم المعتضد من الأمان وما أمر برده عليهم من أمتعتهم فلحقوا بعسكر المعتضد داخلين في أمانه وكان نزول المعتضد بالمصيصة فيما قيل يوم الأحد لعشر بقين من ذي القعدة فأقام بها إلى الاحد الآخر وكتب إلى وجوه أهل طرسوس في المصير إليه فأقبلوا إليهم منهم النغيل وكان من رؤساء الثغر وابن له ورجل يقال له ابن المهندس وجماعة معهم فحبس هؤلاء مع آخرين وأطلق أكثرهم فحمل الذين حبسهم معه إلى بغداد وكان قد وجد عليهم لانهم فيما ذكر كانوا كاتبوا وصيفا الخادم وأمر المعتضد بإحراق جميع المراكب البحرية التي كان المسلمون يغزون فيها وجميع آلاتها وذكر أن دميانة غلام يا زمان هو الذي أشار عليه لشئ كان في نفسه على أهل طرسوس فأحرق ذلك كله وكان في المراكب نحو من خمسين مركبا قديما قد أنفق عليها أموال جليلة لا يعمل مثلها في هذا الوقت فأحرقت فأضر ذلك بالمسلمين وكسر ذلك في أعضادهم وقوى به الروم وأمنوا أن يغزوا في البحر وقلد المعتضد الحسن بن علي كوره الثغور الشأمية بمسألة من أهل الثغور واجتماع كلمتهم عليه ورحل المعتضد فيما قيل من المصيصة فنزل فندق الحسين ثم الإسكندرية ثم بغراس ثم أنطاكية لليلتين خلتا من ذي الحجة فأقام بها إلى أن نحر وبكر في ثاني النحر بالرحيل فنزل أرتاح ثم الأثارب بها يومين ثم رحل إلى الناعورة ثم إلى خساف وصفين هناك في الجانب الجزري
(٢٠٣)