بأمر أبى الصقر لتكون عدة له فيما ذكر وذلك أن اصطنعه وأصحابه وأجازه بجوائز كبيرة وأدر على أصحابه أرزاقهم وكان قد بلغه قدوم أبى أحمد فخافه على نفسه لما كان من إتلافه ما كان في بيوت أموال أبى أحمد حتى لم يبق فيها شئ بالهبة التي كان يهب والجوائز التي كان يجيز والخلع التي كان يخلع على القواد وإنفاقه على القواد فلما نفد ما في بيت المال من المال طالب أرباب الضياع بخراج سنة مبهمة عن أرضيهم وحبس منهم بذلك جماعة وكان الذي يتولى له القيام بذلك الزغل فعسف على الناس في ذلك وقدم أبو أحمد قبل أن يستوظف أداء ذلك منهم فشغل عن مطالبة الناس بما كان يطالبهم به وكان انحدار وصيف في يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من المحرم (ولليلتين) بقيتا من المحرم منها طلع كوكب ذو جمة ثم صارت الجمة ذؤابة (وفيها) انصرف أبو أحمد من الجبل إلى العراق وقد اشتد به وجع النقرس حتى لم يقدر على الركوب فاتخذ له سرير عليه قبة فكان يقعد عليه ومعه خادم يبرد رجله بالأشياء الباردة حتى بلغ من أمره أنه كان يضع عليها الثلج ثم صارت علة رجله داء الفيل وكان يحمل سريره أربعون حمالا يتناوب عليه عشرون عشرون وربما اشتد به أحيانا فيأمرهم أن يضعوه فذكر أنه قال يوما للذين يحملونه قد ضجرتم بحملي بودى أنى أكون كواحد منكم أحمل على رأسي وأكل وأنى في عافية وأنه قال في مرضه هذا أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق ما أصبح فيهم أسوء حالا منى * وفى يوم الاثنين لثلاث بقين من المحرم منها وافى أبو أحمد النهروان فتلقاه أكثر الناس فركب الماء فسار في النهروان ثم في نهر ديالى ثم في دجلة إلى الزعفرانية وصار ليلة الجمعة إلى الفرك ودخل داره يوم الجمعة لليلتين خلتا من صفر ولما كان في يوم الخميس لثمان خلون من صفر شاع موته بعد انصراف أبى الصقر من داره وقد كان تقدم في حفظ أبى العباس فغلقت عليه أبواب دون أبواب وأخذ أبو الصقر ابن الفياض معه إلى داره وكان يبقى بناحيته وأقام أبو الصقر في داره يومه ذلك وازداد الارجاف بموت أبى أحمد وكانت اعترته غشية فوجه أبو الصقر يوم الجمعة إلى المدائن فحمل
(١٥٦)