فيما جاءهم به عن ربهم ولا يتهمونه على خطأ ولا وهم ولا زلل فلما انتهى إلى السجدة منها وختم السورة سجد فيها فسجد المسلمون بسجود نبيهم تصديقا لما جاء به واتباعا لامره وسجد من في المسجد من المشركين من قريش وغيرهم لما سمعوا من ذكر آلهتهم فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخا كبيرا فلم يستطع السجود فاخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها ثم تفرق الناس من المسجد وخرجت قريش وقد سرهم ما سمعوا من ذكر آلهتهم يقولون قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر قد زعم فيما يتلو إنها الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترتضي وبلغت السجدة من بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل أسلمت قريش فنهض منهم رجال وتخلف آخرون وآتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ماذا صنعت لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله عز وجل وقلت ما لم يقل لك فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك حزنا شديدا وخاف من الله خوفا كثيرا فأنزل الله عز وجل وكان به رحيما يعزيه ويخفض عليه الامر ويخبره أنه لم يك قبله نبي ولا رسول تمنى كما تمنى ولا أحب كما أحب الا والشيطان قد ألقى في أمنيته كما ألقى على لسانه صلى الله عليه وسلم فنسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آبائه أي فإنما أنت كبعض الأنبياء والرسل فأنزل الله عز وجل (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم) فاذهب الله عز وجل عن نبيه الحزن وآمنه من الذي كان يخاف ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه من ذكر آلهتهم إنها الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترتضي بقول الله عز وجل ذكر اللات والعزى ومناة الثلاثة الأخرى (ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى) أي عوجاء (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم - إلى قوله - لمن يشاء ويرضى) أي فكيف تنفع شفاعة آلهتكم عنده فلما جاء من الله ما نسخ ما كان الشيطان ألقى على لسان نبيه قالت قريش ندم محمد على ما ذكر من منزلة آلهتكم
(٧٦)