وقد سبقتموه قال إنا دخلنا في هذا الامر وبايعنا نبينا صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتب ويرينا الآيات وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج فمن دخل في هذا الامر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا قال جرجة بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ولم تألفني قال بالله لقد صدقتك وما بي إليك وإلى أحد منكم وحشة وإن الله لولى ما سألت عنه فقال صدقتني وقلب الترس ومال مع خالد وقال علمني الاسلام فمال به خالد إلى فسطاطه فشن عليه قربة من ماء ثم صلى ركعتين وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد وهم يرون أنها منه حملة فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية عليهم عكرمة والحارث بن هشام وركب خالد ومعه جرجة والروم خلال المسلمين فتنادى الناس فثابوا وتراجعت الروم إلى مواقفهم فزحف بهم خالد حتى تصافحوا بالسيوف فضرب فيهم خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب ثم أصيب جرجة ولم يصل صلاة سجد فيها إلا الركعتين اللتين أسلم عليهما وصلى الناس الأولى والعصر إيماء وتضعضع الروم ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجلهم وكان مقاتلهم واسع المطرد ضيق المهرب فلما وجدت خيلهم مذهبا ذهبت وتركوا رجلهم في مصافهم وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء وأخر الناس الصلاة حتى صلوا بعد الفتح ولما رأى المسلمون خيل الروم توجهت للهرب أفرجوا لها ولم يحرجوها فذهبت فتفرقت في البلاد وأقبل خالد والمسلمون على الرجل ففضوهم فكأنما هدم بهم حائط فاقتحموا في خندقهم فاقتحمه عليهم فعمدوا إلى الواقوصة حتى هوى فيها المقرنون وغيرهم فمن صبر من المقترنين للقتال هوى به من جشعت نفسه فيهوى الواحد بالعشرة لا يطيقونه كلما هوى اثنان كانت البقية أضعف فتهافت في الواقوصة عشرون ومائة ألف ثمانون ألف مقترن وأربعون ألف مطلق سوى من قتل في المعركة من الخيل والرجل فكان سهم الفارس يومئذ ألفا وخمسمائة وتجلل الفيقار وأشراف من أشراف
(٥٩٦)