إليهم فنهد لهم ولا يشعر بدنو جابان وليست لخالد همة إلا من تجمع له من عرب الضاحية ونصاراهم فأقبل فلما طلع على جابان بأليس قالت الأعاجم لجابان أنعاجلهم أم نغدى الناس ولا نريهم أنا نحفل بهم ثم نقاتلهم بعد الفراغ فقال جابان إن تركوكم والتهاون بهم فتهاونوا ولكن ظني بهم أن سيعجلوكم ويعاجلونكم عن الطعام فعصوه وبسطوا البسط ووضعوا الأطعمة وتداعوا إليها وتوافوا إليها فلما انتهى خالد إليهم وقف وأمر بحط الأثقال فلما وضعت توجه إليهم ووكل خالد بنفسه حوامي يحمون ظهره ثم ندر أمام الصف فنادى أين أبجر أين عبد الأسود أين مالك بن قيس رجل من جذرة فنكلوا عنه جميعا إلا مالكا فبرز له فقال له خالد يا ابن الخبيثة ما جرأك على من بينهم وليس فيك وفاء فضربه فقتله وأجهض الأعاجم عن طعامهم قبل أن يأكلوا فقال جابان ألم أقل لكم يا قوم أما والله ما دخلتني من رئيس وحشة قط حتى كان اليوم فقالوا حيث لم يقدروا على الاكل تجلدا ندعها حتى نفرغ منهم ونعود إليها فقال جابان وأيضا أظنكم والله لهم وضعتموها وأنتم لا تشعرون فالآن فأطيعوني سموها فإن كانت لكم فأهون هالك وإن كانت عليكم كنتم قد صنعتم شيئا وأبليتم عذرا فقالوا لا اقتدار عليهم فجعل جابان على مجنبتيه عبد الأسود وأبجر وخالد على تعبيته في الأيام التي قبلها فاقتتلوا قتالا شديدا والمشركون يزيدهم كلبا وشدة ما يتوقعون من قدومهم بهمن جاذويه فصابروا المسلمين للذي كان في علم الله أن يصيرهم إليه وحرب المسلمون عليهم وقال خالد اللهم إن لك على إن منحتنا أكتافهم ألا أستبقي منهم أحدا قدرنا عليه حتى أجرى نهرهم بدمائهم ثم أن الله عز وجل كشفهم للمسلمين ومنحهم أكتافهم فأمر خالد مناديه فنادى في الناس الأسر الأسر لا تقتلوا إلا من امتنع فأقبلت الخيول بهم أفواجا مستأسرين يساقون سوقا وقد وكل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر ففعل ذلك بهم يوما وليلة وطلبوهم الغد وبعد الغد حتى انتهوا إلى النهرين ومقدار ذلك من كل جوانب أليس فضرب أعناقهم وقال له القعقاع وأشباه له لو أنك قتلت أهل الأرض لم تجر دمائهم إن الدماء
(٥٦١)