ولكن في المختلف بعد أن حكى ما سمعت عن ابني الجنيد والبراج قال:
" والتحقيق أن المالك إن أذن للأول في مساقاة الثاني صحت، وكان الأول كالوكيل لا حصة له في النماء وإن لم يأذن فالثمرة للمالك، وعليه أجرة المثل للثاني، ولا شئ للأول ".
وفيه أنه لا وجه لوجوبها عليه له، مع فرض عدم الإذن منه في عمله، وعدم شئ للأول اللهم إلا أن يريد لا شئ له في مستقر الأمر، بمعنى رجوع الثاني على الأول، والأول على صاحب النخل، ففي الحقيقة الأجرة للثاني، ولا شئ للأول فتأمل.
وعلى كل حال فكلامه في خصوص ما سمعته من ابن البراج، لا في أصل المسألة، ضرورة أنه لا وجه للإذن مع فرض عدم مشروعية المساقاة من المساقي الأول وكونه كالوكيل بالنسبة إلى ذلك لا معنى له مع فرض كون مساقاته للمساقي الثاني في مساقاته المستحقة عليه.
لكن في جامع المقاصد بعد أن ذكر الوجه في عدم جواز المساقاة للمساقي و الفرق بينها وبين المزارعة قال: " وهذا إذا لم يأذن المالك، فإذا للعامل في المساقاة صح وكان الثاني هو العامل، والأول وكيل عن المالك " وفيه ما لا يخفى بعد لزوم عقد المساقاة للأول الذي لا يصلح مع ذلك للنيابة عنه فيما أوجبه عليه نفسه عقد المساقاة.
كما أن من ذلك يعلم أن عدم جواز المساقاة للعامل، لعدم حصول الشرط شرعا أو لعدم مقتضى الصحة، لا لعدم حصول الإذن من المالك، في تصرف غير العامل الأول كما عساه يظهر من جامع المقاصد والمسالك، ليتوهم الصحة بفرض الإذن.
نعم لو أن المانع من المساقاة عدم جواز التصرف لغير الأول أمكن حينئذ ارتفاع ذلك بالإذن حينئذ، ولا يكون وكيلا، بل هو مساق حقيقة وتجري عليه أحكام المساقاة كما هو واضح المسألة {التاسعة: خراج الأرض} مغروسة وغير مغروسة {على المالك}