كان القول قوله في قدرها كما تقدم في الوديعة.
لكن لا يخفى ما فيه من الاشكال إن لم يكن اجماع، إذ ليس ذلك من مقتضى عقد الوديعة، وإلا لم يحتج إلى الرجوع إلى الحاكم، كما في غيره من أنواع حفظ الوديعة، على أنه ليس في الأدلة فضلا عن اطلاق عقد الوديعة ما يقتضي وجوب حفظ الوديعة على وجه يجب بذل المال ولو بنية الرجوع مقدمة له، وإنما الثابت وجود الحفظ بغير ذلك، ووجوب حفظ النفس أو مال الغير ليس من أحكام الأمانة.
اللهم إلا أن يدعي صدق الخيانة مع عدم ذلك منه، وفيه منع واضح هذا، وقد سبق في الوديعة ما يستفاد منه البحث فيه هنا، خصوصا مع اشتراطها على المؤجر، على أن يكون معها، فقصر ولم يفعل. فلاحظ والله العالم.
المسألة {الخامسة: إذا أفسد الصانع ضمن ولو كان حاذقا، كالقصار يحرق الثوب أو يخرق، أو الحجام يجني في حجامته، أو الختان يختن فيسبق موساه إلى الحشفة أو يتجاوز حد الختان، وكذا} الكحال و {البيطار، مثل أن يحيف على الحافر، أو يفصد فيقتل، أو يجني ما يضر الدابة، ولو احتاط واجتهد} من غير فرق عندنا في جميع هؤلاء بين المشترك والأجير الخاص منهم، وبين كون العمل في ملكه أو ملك المستأجر، وبين حضور رب المال أو غيبته بلا خلاف أجده في شئ من ذلك بين المتقدمين والمتأخرين منا.
بل في محكي الإنتصار الاجماع على ضمان الصانع، كالخياط والقصار وما أشبههما لما جنته أيديهم على المتاع بتعد وغير تعد، وفي جامع المقاصد والمسالك والتنقيح الاجماع على ضمان الصانع ما يتلف بيده حاذقا كان أو غير حاذق مفرطا أو غير مفرط، وفي محكي السرائر نفى الخلاف بين أصحابنا عن ضمان الملاحين والمكاريين ما تجنيه أيديهم على السلع، وفي التنقيح نفى الخلاف عن ضمان الصانع، وفي الكفاية أنه لا يعرف فيه خلافا، وفي محكي الخلاف والغنية الاجماع على ضمان الختان والحجام والبيطار.