منه بدلالته عليه، ولو بالالتزام، ودلالة لفظ العارية بمجردة على الاتلاف فاسدة، لعدم استنادها إلى عرف أو لغة، لأن وضع العارية فيها بحكم الوضع والتبادر إنما هو لما لا يتم الانتفاع به إلا مع بقاء عينه، ولعل هذا هو مراد الأصحاب.
قلت يمكن إن يكون مرادهم ترتب الضمان على الاتلاف المزبور، وإن كان بالإذن، إلا أنها بعنوان العارية، زعما منه عموم موضوعها أو تشريعا، ودعوى - كونه هبة أو إباحة وإن كان الدفع بهذا العنوان - واضحة البطلان، إلا أن ينصب قرينة على إرادتهما من اللفظ المزبور، وقد ذكرنا سابقا أن كثيرا من أفراد العقود يميزها القصد، فمتى وقع منه بهذا العنوان، والفرض عدم كونه فردا منه لم يجر عليه شئ من حكمه، بل يجري عليه ما تقتضيه القواعد في مثله.
نعم قد يتوقف في ضمانه من غير تعد. ولا تفريط من قاعدة " ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده " ومن خروجه عن أصل موضوع العارية حتى الفاسد، و لعل الأخير هو الأقوى في النظر.
{و} كيف كان فلا إشكال في أنه {تصح استعارة الأرض للزراعة والغرس والبناء و} لكن {يقتصر المستعير على القدر المأذون فيه} كما هو صريح المسالك والروضة وغيرهما، وظاهر الدروس واللمعة، لأصالة حرمة التصرف في مال الغير بغير إذنه فلا يجوز التعدي إلى الأدنى فضلا عن المساوي.
{وقيل} كما عن المبسوط والغنية والسرائر {يجوز أن يستبيح ما دونه في الضرر} لا ما فوقه {كأن يستعير أرضا للغرس فيزرع} فيها لا العكس، بل عن الأول نفي الخلاف فيه بل في القواعد وعن التذكرة والتحرير التصريح بجواز المساوي أيضا، بل عن جامع المقاصد ظاهر كلامهم أن الحكم بذلك إجماعي.
{و} لكن لا ريب في أن {الأول أشبه} بأصول المذهب وقواعده، المقتضية عدم جواز التعدي عن غير المأذون، وإن كان أدون أو مساويا، بعد فرض عدم حضوره في الذهن عند الإذن، ودعوى الانتقال إليه من الإذن في المعين للمساواة أو الأولوية واضحة المنع، فإن المساواة في الانتفاع بالنسبة إلى الأرض أو الدون لا تقتضي المساواة