قال الفراء في قوله تعالى: أم حسبت أن أصحاب الكهف أو الرقيم كانوا من آياتنا عجبا، قالوا: هو لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم وأسماؤهم ودينهم ومما هربوا، وقيل: الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها، وقيل: إنه اسم الجبل الذي فيه الكهف، وروى عكرمة عن ابن عباس، رضي الله عنه، أنه قال: ما أدرى ما الرقيم أكتاب أم بنيان، وروى غيره عن ابن عباس: أصحاب الرقيم سبعة، وأسماؤهم:
يمليخا، مكسملينا، مشلينا، مرطونس، دبريوس، سرابيون، افستطيوس، واسم كلبهم قطمير، واسم ملكهم دقيانوس، واسم مدينتهم التي خرجوا منها أفسس ورستاقها الرس، واسم الكهف الرقيم، وكان فوقهم القبطي دون الكردي، وقد قيل غير ذلك في أسمائهم، والكهف المذكور الذي فيه أصحاب الكهف بين عمورية ونيقة، وبينه وبين طرسوس عشرة أيام أو أحد عشر يوما، وكان الواثق قد وجه محمد بن موسى المنجم إلى بلاد الروم للنظر إلى أصحب الكهف والرقيم، قال: فوصلنا إلى بلد الروم فإذا هو جبل صغير قدر أسفله أقل من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض فتدخل السرب فتمر ففي خسف من الأرض مقدار ثلاثمائة خطوة فيخرجك إلى رواق في الجبل على أساطين منقورة وفيه عدة أبيات، منها: بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليها باب حجارة فيه الموتى ورجل موكل بهم يحفظهم معه خصيان، وإذا هو يحيدنا عن أن نراهم ونفتشهم ويزعم أنه لا يأمن أن يصيب من التمس ذلك آفة في بدنه، يريد التمويه ليدوم كسبه، فقلت: دعني أنظر إليهم وأنت برئ، فصعدت بمشقة عظيمة غليظة مع غلام من غلماني فنظرت إليهم وإذا هم في مسوح شعر تتفتت في البلد، وإذا أجسادهم مطلية بالصبر والمر والكافور ليحفظها، وإذا جلودهم لاصقة بعظامهم، غير أنى أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوة ثيابه، ثم أحضرنا المتوكل بم طعاما وسألنا أن نأكل منه، فلما أخذناه منه ذقناه وقد أنكرت أنفسنا وتهوعنا وكأن الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصح له ما كان يموه به عند الملك أنه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرقيم، فقلنا له: إنا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك، فتركناه وانصر فنا، قال غيرهم: إن بالبقاء بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنه الكهف والرقيم قرب عمان، وذكروا أن عمان هي مدينة دقيانوس، وقيل: هي في أفسس من بلاد الروم قرب أبلستين، قيل: هي مدينة دقيانوس، وفى بر الأندلس موضع يقال له جنان الورد به الكهف والرقيم، وبه قوم موتى لا يبلون كما ذكر أهلها، وقيل: إن طليطلة هي مدينة دقيانوس، وذكر على ابن يحيى أنه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم في مغارة يصعد إليها من الأرض بسلم مقدار ثلاثمائة ذراع، قال: فرأيتهم ثلاثة عشر رجلا وفيهم غلام أمرد عليهم جباب صوف وأكسية صوف وعليهم خفاف ونعال، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم فمددتها فما منعني منها شئ، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة وإنما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم وعالجوا أجسادهم بالصبر وغيره على ما عرفوه، وروى عن عبادة بن الصامت قال:
بعثني أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، سنة استخلف إلى ملك الروم أدعوه إلى الاسلام أو أوذنه بحرب، قال: فسرت حتى دخلت بلد الروم فلما دنوت إلى قسطنطينة لاح لنا جبل أحمر قيل