والمنطقيات، والأدبيات، والأخلاقيات، والتأريخيات، والصناعيات.. إلى ضروب من العلوم والفنون التي يفتقر إليها المجتمع البشري، وإن لم يعتنق فضيلة الدين، ولم يأبه لحياة الآخرة، ولم يقتف أثر علومها الناجعة.
فمن الضروري عندئذ:
عد فكرة الكتاب والمكتبة من أكبر ما يهتم به عظماء الدنيا والدين من قديم الزمان، وأهم ما تصرف دونه همم الرجال منذ القدم، تدور عليهما عظمة الدول والحكومات العالمية، عند من يشعر بالحياة الإنسانية، عند من يتحلى بروح الثقافة الحية الشاعرة، عند من يملك عرق الفضيلة النابض.
الكتاب والمكتبة رمز رقي كل ملة، وسمة تقدم كل نحلة، ومقياس رشد الأمم وسادتها، بهما تتأتى طلبة الإنسان وما يتوخاه من عوامل النجاح والفلاح، والفوز في العاجل والآجل.
المكتبة تؤدي رسالات الأنبياء، وتقيم الأود والعوج ببلاغات الأوصياء، وتمثل الحقائق ورجالاتها، وتصور أمثلتها نصب العين بدروس سير الأولياء، وتطهر درن القلوب بعظات الأصفياء، وتزيح علل النفوس بكلم رجال الصدق وحكمهم، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا.
المكتبة دار التوجيه والإرشاد، دار الفنون والعلوم والمعلمين العالية، أينما تولي وجهك تتراءى لك في كل جناح منها جامعة، وفي كل صفح كلية، وفي جوانبها معاهد للعلوم، وصفوف للفنون، فيها بغية الطالب، ومنية المريد، وأمنية المستفيد.
المكتبة محتشد رهيب يحفل فيها علماء ربانيون، وحكماء محنكون، وأعلام فنيون، وفلاسفة إلهيون، وأساتذة الصنائع، ومدارس الخطابة والوعظ، وصيارفة الآداب والأخلاق، وعباقرة العلوم والفنون، وجهابذة التأليف والتصنيف، ورجال السياسة والقادة، صفا صفا كأنهم بنيان مرصوص.