بالملايين، خذ [واشنطن] مقياسا، فإنها تحتوي 164 مكتبة عامة أمهات شعب، منها مكتبة " الكونجرس "، فإنه بحسب الإحصائية المنتشرة في مجلة العرب السورية تحتوي سبعة وعشرين مليون كتابا، مساحتها 662 / 162 مترا مربعا، وقس عليها مكتبات أوربا العامة، وذلك في سنة 1950 فكيف بها الآن؟!
هذه هي، وهذه نجفنا:
لا نجف العراق فقط، ولا نجف الشيعة فحسب، بل نجف الدنيا عامة، نجف المسلمين جمعاء، نجف من يقول بالخلافة الراشدة، نجف مئات ملايين مسلمي العالم، القائلين بولاية سيد العترة، المقرونة بولاية الله وولاية رسوله في الكتاب الكريم، مرتكز تلك الخلافة ومنبثق أنوار المعالم والمعارف العالية، وعاصمة الإسلام المقدس، ومدرسته الكبرى المؤسسة منذ عشرة قرون، فأكبر مكتبة عامة شاهدنا فيها إنما هي مكتبة الششترية، وهي عبارة عن غرفة في زاوية حسينية، مساحتها 30 / 4 × 60 / 5 بارتفاع 5 أمتار، عدد كتبها المطبوعة والمخطوطة - باحصائية اليوم - تناهز أربعة آلاف مجلد، يدير جميع شؤونها رجل واحد، هو المدير، هو الخادم، هو الناظم، هو المحاسب، هو المرتب، هو المفهرس، هو وحده وحده لا شريك له.
وقس على النجف الأشرف معظم بلاد العراق الشاغرة عن الآثار العلمية، الفارغة عن مظاهر الفضيلة، الخالية عن المكتبات الراقية العامة الكبرى.
هذه مجالي حياتنا الروحية، هذه مظاهر رقينا وتقدمنا بين الأمم، هذه معاهدنا العلمية المعربة عن عظمتنا، هذه ثروتنا من الثقافة والانسانية السامية، هذه ذخائرنا من التراث العلمي ادخرناها للأجيال القادمة، هذه بضاعتنا من منابع العلم والفضيلة، هذه أشواطنا البعيدة وخطواتنا الواسعة وراء حياة أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المرحومة، هي آثارنا تدل علينا، نعم، تدل علينا، تدل على ما نحن فيه من الانحطاط والتسافل، من قصر الباع، وصغر الطوية، من ضعف النفس،