سبيل الغاية الشريفة التي اعتادت الجمعيات والجامعات العلمية العالمية على تمجيدها والإشادة بمآثر الموهوبين من أهل الفضل والكمال، والاعتراف بما أسدوه للمجتمع من خدمات جليلة صادقة في مجالات المعرفة والإصلاح.
* * * ومن عيون العلماء الذين نتشرف الآن بتكريمه، ويسعدنا الحظ بتبجيله، هو شيخنا السعيد العلامة الحجة الكبير (الأميني)، الذي ولد وترعرع في حجر امناء الشرع والفضلاء الأبرار، ودرج في مهد التقوى والقداسة، وفطم على الذكاء والنجابة، فحمدت عزائمه قبل أن علت تمائمه، وشب مشتملا على إبراد الشمائل وحسن المخائل، وما زالت محامده تنطبق بفواضله وليدا وناشئا، ومحاسنه صغيرا ويافعا حتى استكمل أسباب قوة الفضل قبل أن يتكامل سن الكهل، فكان عين الكمال وغرة العصر ونور المحافل وزين المجالس وكوكب قومه ومصيره اللامع.
ولا عجب أنه جمع الفخر من أطرافه، فإن آل أمين الشرع - الذين ينتسب إليهم شيخنا الأجل الأميني - هم معدن المحامد والمكارم، ولهم في الفضل قديم وحديث، وهو غوث الأنام، وفرسان الأدب والكلام، في خدمة حضارة الإسلام. ولا غرو أن يغمر فضله وهو نجل النوابغ، أو يغزر علمه وهو من فيض البحور الخضارم، وأن تشهد شواهد النباهة والعبقرية ل " نابغة النجف الأشرف " وعلم من أعلام تبريز، بالاعجاب والتبريز.
سادتي الأجلاء! إن سيرة الجهبذة الفهامة، الشيخ الأميني، الذائع الصيت، ترشدنا إلى أن همته في خدمة المعارف المحمدية وعلوم أهل البيت وفنون أصحابهم العظماء، كانت أبعد من مناط الفرقد، فقد جاب في سبيل ذلك البلاد وركب الصعب والذلول، وتجشم الحزون والسهول، وعمل نفسه على مخاوف البحر وأخطار البر، وأنفق أوقاته وبذل راحته واستنفذ ساعاته وأيامه في معاناة الدرس والاطلاع والبحث والتنقيب، لا يستريح قلمه ولا تسكن حركته، ما يؤنسه من الوحشة إلا الدفاتر، ولا تصحبه في الوحدة إلا المحابر، يحرق فحم ليله في الاستقصاء، ويقضي